وكان يقرأ له تاريخ الأمم السابقة، ويبين له ما يتخذ منها من عبر (^١)، كما يعلمه أمور الدين وقواعد العدل، والبعد عن الظلم والقهر، وحسن معاملة العلماء خاصة علماء الدين. ومما يرويه المقريزى في هذ الشأن؛ أن العينى طلب من السلطان أن يوسع على قراء البخاري بالقلعة في شعبان ورمضان، فخلع على أكثر من عشرين عالما صوفا مربعا، وسنجابًا طريًا (^٢).
وكانت شفاعة العيني لدى السلطان لا ترد، فيقال أن العيني عندما طلب من السلطان العفو عن الفقيه أحمد الكوراني، الذي كان قد قرر التشهير به، وضربه ونفيه خارج البلاد، قبل السلطان شفاعته فيه.
على أية حال وصل العينى إلى قمة التألق الوظيفي في عصر السلطان برسباي، إذ عاد مرة ثانية إلى القضاء في السابع عشر من جمادى الآخرة سنة ٨٣٥ هـ/ ١٤٣١ م، بالإضافة إلى الحسبة ونظر الأحباس، وهي أهم الوظائف في الدولة. كذلك كان للعيني الفضل في تشجيع السلطان برسباى على قيامه بالغزوات البحرية ضد جزيرة قبرص سنة ٨٢٧ هـ / ١٤٢٣ م التي انتصر فيها.
ولما مات برسباي وتولي جقمق، عزل العيني عن القضاء، وقد لزم العينى بيته إلى أن عينه الملك الظاهر جقمق في حسبة القاهرة مرتين (^٣)؛ مرة في ربيع الأول سنة ٨٤٤ هـ / ١٤٤٠ م، ومرة في ٢٧ شوال سنة ٨٤٦ هـ / ١٤٤٢ م. ثم عزل في صفر سنة ٨٤٧ هـ / ١٤٤٣ م، وبعدها ظل بعيدا عن السلطة حتى توفي في ذي الحجة سنة ٨٥٥ هـ / ١٤٥١ م.
مكانة العيني العلمية:
تحدد المكانة العلمية لأي عالم من خلال شخصيته وإبداعاته وإنتاجه العلمي، وآراء علماء عصره فيه.
_________
(^١) ابن تغري بردي: النجوم، ج ١٥، ص ١١٠ - ١١١.
(^٢) المقريزى: السلوك، ج ٤، ص ٦٦٧.
(^٣) ابن تغري بردي: المنهل الصافي، ج ٥، ص ٣٤٤.
1 / 24