العنایة شرح الهدایة

Al-Babarti d. 786 AH
7

العنایة شرح الهدایة

العناية شرح الهداية

ناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

محل انتشار

لبنان

ژانرها

فقه حنفی
حَتَّى إنَّ مَنْ سَمَتْ هِمَّتُهُ إلَى مَزِيدِ الْوُقُوفِ يَرْغَبُ فِي الْأَطْوَلِ وَالْأَكْبَرِ، وَمَنْ أَعْجَلَهُ الْوَقْتُ عَنْهُ يَقْتَصِرْ عَلَى الْأَقْصَرِ وَالْأَصْغَرِ. وَلِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ وَالْفَنُّ خَيْرٌ كُلُّهُ. ثُمَّ سَأَلَنِي بَعْضُ إخْوَانِي أَنْ أُمْلِيَ عَلَيْهِمْ الْمَجْمُوعَ الثَّانِي، فَافْتَتَحْتُهُ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي تَحْرِيرِ مَا أُقَاوِلُهُ مُتَضَرِّعًا إلَيْهِ فِي التَّيْسِيرِ لِمَا أُحَاوِلُهُ، إنَّهُ الْمُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ وَهُوَ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. ــ [العناية] وَالضَّمِيرُ لِلشَّرْحَيْنِ. وَقَوْلُهُ (حَتَّى إنَّ مَنْ سَمَتْ) مُتَّصِلٌ بِتَارِكًا لِلزَّوَائِدِ أَوْ بِصُرِفَتْ، وَسَمَتْ بِمَعْنَى عَلَتْ، وَالْمَزِيدُ مَصْدَرٌ كَالزِّيَادَةِ (وَمَنْ أَعْجَلَهُ الْوَقْتُ) بِمَعْنَى عَجَّلَهُ: أَيْ اسْتَحَثَّهُ، وَإِسْنَادُهُ إلَى الْوَقْتِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ كَصِيَامِ النَّهَارِ وَالشِّعْرِ لِأَبِي فِرَاسٍ، وَقَبْلَهُ: عَلَيَّ لِرَبْعِ الْعَامِرِيَّةِ وَقْفَةٌ ... لِيُمْلِيَ عَلَيَّ الشَّوْقُ وَالدَّمْعُ كَاتِبُ وَمِنْ عَادَتِي حُبُّ الدِّيَارِ لِأَهْلِهَا ... وَلِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ (وَالْفَنُّ خَيْرٌ كُلُّهُ) أَيْ هَذَا الْفَنُّ وَهُوَ عِلْمُ الْفِقْهِ كُلُّهُ خَيْرٌ، فَإِنْ شِئْت فَارْغَبْ فِي الْأَقْصَرِ وَالْأَخْصَرِ حِفْظًا وَتَحْصِيلًا وَإِنْ شِئْت فِي الْأَطْوَلِ وَالْأَكْبَرِ كَشْفًا وَتَأْصِيلًا. وَقِيلَ مَعْنَاهُ جِنْسُ الْعِلْمِ حَسَنٌ فَارْغَبْ فِي أَيِّ نَوْعٍ شِئْت، وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ لَكِنْ لَا تَقْرِيبَ لَهُ هُنَا، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْمُوعِ الثَّانِي هُوَ الْهِدَايَةُ، وَكَأَنَّهُ بَعْدَ صَرْفِ الْعَنَانِ وَالْعِنَايَةِ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ حَتَّى سَأَلَهُ إخْوَانُهُ الْإِمْلَاءَ عَلَيْهِمْ فَافْتَتَحَ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ فِي تَحْرِيرِ: أَيْ تَقْوِيمِ مَا يُقَاوِلُهُ وَتَلْخِيصِهِ. وَفِي لَفْظِ الْمُفَاعِلَةِ مَزِيدُ مُزَاوَلَةٍ وَمُقَاسَاةٍ لَيْسَ فِي الْقَوْلِ. وَحَاوَلْت الشَّيْءَ أَرَدْته، وَيُقَالُ فُلَانٌ جَدِيرٌ بِكَذَا: أَيْ خَلِيقٌ بِهِ. رُوِيَ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ بَقِيَ فِي تَصْنِيفِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ صَائِمًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يُفْطِرُ أَصْلًا، وَكَانَ يَجْتَهِدُ أَلَّا يَطَّلِعَ عَلَى صَوْمِهِ أَحَدٌ، فَإِذَا أَتَى خَادِمٌ بِطَعَامٍ يَقُولُ خَلِّهِ وَرُحْ، فَإِذَا رَاحَ كَانَ يُطْعِمُهُ أَحَدَ الطَّلَبَةِ أَوْ غَيْرَهُمْ، فَكَانَ بِبَرَكَةِ زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ كِتَابُهُ مُبَارَكًا مَقْبُولًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.

1 / 11