123

العنایة شرح الهدایة

العناية شرح الهداية

ناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۳۸۹ ه.ق

محل انتشار

لبنان

ژانرها

فقه حنفی
(وَالْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ فِيهِ سَوَاءٌ) وَكَذَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قَوْمًا جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا: إنَّا قَوْمٌ نَسْكُنُ هَذِهِ الرِّمَالَ وَلَا نَجِدُ الْمَاءَ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ وَفِينَا الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَقَالَ ﵊: عَلَيْكُمْ بِأَرْضِكُمْ» .
(وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالتُّرَابِ وَالرَّمَلِ وَالْحَجَرِ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ إلَّا
ــ
[العناية]
وَقَوْلُهُ: (وَالْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ وَالْكَيْفِيَّةُ وَالْآلَةُ سَوَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَمَنْشَأُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [المائدة: ٦] مَحْمُولٌ عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ أَوْ عَلَى الْجِمَاعِ، فَذَهَبَ الْأَوَّلُونَ إلَى الثَّانِي وَالْآخِرُونَ إلَى الْأَوَّلِ وَقَالُوا: الْقِيَاسُ أَلَّا يَكُونَ التَّيَمُّمُ طَهُورًا، وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُحْدِثِ فَلَا يُبَاحُ لِلْجُنُبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْقُولِ الْمَعْنَى حَتَّى يَصِحَّ الْقِيَاسُ، وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَاهُ لِتَلْحَقَ بِهِ بَلْ هِيَ فَوْقَهُ.
وَقَالَ الْأَوَّلُونَ الْمُلَامَسَةُ أُرِيدَ بِهَا الْجِمَاعُ مَجَازًا لِسِيَاقِ الْآيَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ حُكْمَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ نَقَلَ الْحُكْمُ إلَى التُّرَابِ حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَذَكَرَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ بِقَوْلِهِ ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [المائدة: ٦] فَيُحْمَلُ لَامَسْتُمْ عَلَى الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِتَصِيرَ الطَّهَارَتَانِ وَالْحَدَثَانِ مَذْكُورَيْنِ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ كَمَا فِي ذِكْرِ آيَةِ الْوُضُوءِ؛ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ مَذْكُورٌ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [المائدة: ٦] فِي حَقِّ التَّيَمُّمِ، فَحَمْلُ لَامَسْتُمْ عَلَيْهِ تَكْرَارٌ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ تَعَالَى شَرَعَ التَّيَمُّمَ لِلْمُحْدِثِ فَرَسُولُهُ ﷺ شَرَعَهُ لِلْجُنُبِ أَيْضًا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قَوْمًا جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا إنَّا قَوْمٌ نَسْكُنُ هَذِهِ الرِّمَالَ وَلَمْ نَجِدْ الْمَاءَ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ وَفِينَا الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، فَقَالَ ﵊: عَلَيْكُمْ بِأَرْضِكُمْ» وَفِي الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ كَثْرَةٌ.
حَدَّثَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادِهِ إلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ: يَا فُلَانُ مَا مَنَعَك أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، فَقَالَ ﷺ: عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيك» .
وَقَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) بَيَانٌ لِمَا يَجُوزُ بِهِ التَّيَمُّمُ. وَقَوْلُهُ: (بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ)

1 / 127