116

العنایة شرح الهدایة

العناية شرح الهداية

ناشر

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۳۸۹ ه.ق

محل انتشار

لبنان

ژانرها

فقه حنفی
وَأَمَّا الِاغْتِسَالُ بِهِ فَقَدْ قِيلَ يَجُوزُ عِنْدَهُ اعْتِبَارًا بِالْوُضُوءِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فَوْقَهُ، وَالنَّبِيذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ حُلْوًا رَقِيقًا يَسِيلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ كَالْمَاءِ، وَمَا اشْتَدَّ مِنْهَا صَارَ حَرَامًا لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ، وَإِنْ غَيَّرَتْهُ النَّارُ فَمَا دَامَ حُلْوًا رَقِيقًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ اشْتَدَّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ لِحُرْمَةِ شُرْبِهِ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ جَرْيًا عَلَى قَضِيَّةِ الْقِيَاسِ.
ــ
[العناية]
قُلْنَا فِي الْبَابِ مَا يَكْفِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَهُوَ رِوَايَةُ هَؤُلَاءِ الْكِبَارِ مِنْ الصَّحَابَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الِاغْتِسَالُ بِهِ) أَيْ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ اعْتِبَارًا بِالْوُضُوءِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ وُجُودُ الْحَدَثِ وَعَدَمُ الْمَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ؛ لِأَنَّ الْأَثَرَ جَاءَ فِي الْوُضُوءِ خَاصَّةً وَالْغُسْلُ فَوْقَهُ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَالنَّبِيذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ) بَيَانُ الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ، ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ هُوَ أَنْ يُلْقِيَ تُمَيْرَاتٍ فِي مَاءٍ حَتَّى صَارَ الْمَاءُ حُلْوًا رَقِيقًا وَلَا يَكُونُ مُشْتَدًّا وَمُسْكِرًا، وَمَا اشْتَدَّ مِنْهَا وَصَارَ مُرًّا لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْكِرًا حَرَامًا، وَإِنْ غَيَّرَتْهُ النَّارُ، فَمَا دَامَ حُلْوًا رَقِيقًا يَسِيلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ اشْتَدَّ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِحِلِّ شُرْبِهِ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِحُرْمَتِهِ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ كَنَبِيذِ الزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ خُصَّ بِالْأَثَرِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى مُوجِبِ الْقِيَاسِ، وَلِأَنَّهُ عَلَّلَ بِعِلَّةٍ قَاصِرَةٍ وَهِيَ كَوْنُهَا تَمْرَةً طَيْبَةً عَلَّلَ بِاسْمٍ وَصِفَةٍ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْقُدُورِيَّ ﵀ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْمَاءِ كَالتَّيَمُّمِ، حَتَّى لَا يَجُوزَ التَّوَضُّؤُ بِهِ حَالَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِالنَّبِيذِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً مُطْلَقًا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ كَمَا يُنْتَقَضُ التَّيَمُّمُ بِوُجُودِ الْمَاءِ.

1 / 120