أما علم الله سبحانه فليس يتصور وردانها عبارة عما يجب له لا بمعنى التخيل والتمثيل في الذهن، وعلى هذا فالخلاف لفظي إن شاء الله.
أما أصحابنا وأبو هاشم فقد صرحوا بأنه خالق حقيقة، وقال الجمهور: إنه مجاز في حقه تعالى لعدم حصول معناه المشتق وهو الخلق ولافتقاره إلى القرينة.
أقول: فهذا ليس موضع الرد ولا يخفى أنه جمع مسألتين متباينتين فوقع التخليط؛ لأن قدم الذوات عند القائل به متعلق بالقدرة والوجود إبرازها المقدور خارجا، وهل إطلاق لفظة خالق بمعنى المجاز أو الحقيقة مسألة أخرى أو إحداهما فرع للأخرى.
[ابن الوزير] قال رحمه الله : وقولهم: إن الله غير قادر على إعدام الألوان كلها، وكذلك الطعوم فلا يقدر على قلب الأسود أغبر لأنه إنما يزيل الصفة بواسطة طرو ضدها عليه.
[المؤلف] والجواب: أنها مسألة خلافية، فذهبت البصرية إلى أن الألوان باقية، وقال البلخي: لا للأول استمراره ما لم يطرو الضد، وقالوا: كلما ينتفي من غير ضد أو ما يجري مجراه كالصوت فليس باقيا، والعكس باق.
قال أبو علي: الباقي ما يستمر أوقاتا وما لا فلا، كالصوت، ومن هنا يعرف أن مقصدهم بالبقاء الاستمرار حينا ما، لا مطلقا.
فأما قوله: بواسطة طرو الضد، فلو قيل: إنا مجمعون على أن ضد الوجود هو العدم والعكس للزم القول إنه إنما يزيل الصفة بواسطة طروء الضد أولى وهو المطلوب، مع أنهم لم ينصوا إلا عليه فقد تتبعنا أقوالهم فلم نجد فيها ما رماهم به ولكن كما قيل:
ولكن عين السخط تبدي المساويا
ومن تطلب عثرات العلماء وجد لعدم العصمة {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}[النساء:82].
[ابن الوزير] قال: وقولهم: إن الله تعالى يريد بإرادة محدثة موجودة على حده وجود عرض مستقل بنفسه غير حال في ذاته تعالى ولا في غيره ولا داخل في العالم ولا خارج منه. انتهى.
صفحه ۹۰