[المؤلف] قلت: الأولى أن ينسب هذا الكلام إلى من يقول: إن علم الله سابق سايق وذلك أنه إذا علم أن إنسانا مثلا كافر لم يتأت منه هدايته لئلا ينكشف علمه جهلا، ومن قال: إنه خلق بعضهم للنار مكتوب عليهم الشقاء، وهم أهل نحلتك، أما أصحابنا فقد تبرءوا من هذا وقالوا: لو أراد الله الهداية القسرية لفعل سبحانه لكنه خلاهم مختارين مجازين بأعمالهم ومثابين على حسناتهم فانظر لقولهم عند قوله تعالى: {وهديناه النجدين}[البلد:10]، وقوله: {وأما ثمود فهديناهم}[فصلت:17] وغير ذلك من نصوصهم.
[ابن الوزير] قال رحمه الله : وقولهم: إن الله لم يخلق شيئا على الحقيقة قط لأن الأشياء ثابتة فيما لم يزل وتذويت الذات محال وإنما الذي هو فعل الله اكتساب الذوات الثابتة في القدم صفة الوجود وليس لله عندهم فعل إلا صفة الوجود لكن صفة الوجود عندهم وسائر الصفات ليست بشيء فحصل من هذا أن الله تعالى لم يخلق شيئا قط وإنما يقال: إنه خالق كل شيء مجازا. انتهى.
[المؤلف] قلت: هذا الكلام ليس لأصحابنا وشيوخنا وإنما هو يلزم الأمورية وهذا ظاهر كلام ابن الراوندي، مع أن هذا عين كلام أهل السنة من أن القدرة موجبة للمقدور لأن الله سبحانه قادر في الأزل اتفاقا فلزم مقارنة القدرة للمقدور في الأزل.
هذا واعلم أنهم قد حكوا اتفاق أهل الإسلام على حدوث العالم جميعه، والذوات منه، فلا يلزمهم قدمها بل قدرة الله شاملة للذوات وغيرها من المتعلقات، لأنهم قد صرحوا بحدوث الجسم واكتساب الوجود عرض لا كما قال: إن صفة الوجود ليست بشيء، وفي هذه المسألة غموض من القول لتعلق القدرة بالمقدور مع وجود كون الصيغة لا تقتضي إطلاق الخلق إلا على من قد خلق فيقال قولنا خالق هو من يصح منه الخلق.
قال الإمام الناصر الحسن بن علي بن داود المؤيدي عليه السلام : ليس مرادهم ثبوتها إلا تصورها للعالم بها ورد.
صفحه ۸۹