وأما خبر راعية الغنم وأن النبي صلى الله عليه وآله قال: ((هي مؤمنة)) بعد أن عرفته إيمانها، فهو بمعزل عن المدعى لشهادته لها بالإيمان وذلك غير موجود فيمن ادعيتم، فالدليل أخص من الدعوى.
وأما خبر عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكم..الخبر، فالحديث مضطرب المتن مع أنها واقعة خاصة والمثل مقبول على مثله حتى يأتي بجارح.
وأما أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث المسلم عقيب إسلامه داعيا لقومه ومعلما لهم ما علمه النبي صلى الله عليه وآله من شرائع الإسلام فجوابه: إما أن يكون قد عرف صحة إيمانه وعدالته أم لا، الأول فلا يلزمهم اختباره مع أن أمور الشريعة قد اشتهرت عند العرب من قبل إسلامهم فأتاهم بما قد اشتهر عندهم تعريفه، والثاني باطل؛ لأنه قبيح ومثله لا يفعله صلى الله عليه وآله.
فإن قيل: قد أرسل الوليد.
قلنا: مصدقا لا معلما.
[المؤلف] وأما قوله: الحديث الصحيح الشهير أنه لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية، وحديث: ((لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة))، وحديث الذي فيه: ((إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحاب محمد صلى الله عليه وآله خير قلوب العباد)). فلا يقضي بعدم اقتراف المعاصي ممن لم يدخل النار، كما أن منهم من قد حد في الإسلام والتوبة مفتوحة إلى أن يغرغر بالموت مع قبول الأخبار للتقييد والتخصيص عند صحة طرقها، ومن هاهنا يظهر أن مجرد الرواية والمجالسة القليلة لا تقتضي العدالة، ووجوب قبول الرواية والمساواة بينه وبين كبار الصحابة وسابقيهم ومن رغب عن الإسلام حتى غلبه فأكره عليه كما صرح بذلك الكتاب الكريم والسنة النبوية وكما قال رحمه الله : فلأن العدل من ظهر عليه من القرائن ما يدل على الديانة والأمانة دلالة ظنية؛ إذ لا طريق إلى العلم بالبواطن، وذلك ظاهر في الصحابة. ا ه.
صفحه ۴۶