[المؤلف] أقول: هذا لا يلزم أيضا؛ لأن المترسل لا يلتزم هذه الطريقة، وجوابه: إن الخبر لا يدل على المطلوب؛ إذ هي حكاية فعل لا ندري على أي صفة وقعت هل عضدها وحي أو قرينة بوفاء شعبان أو مجرد احتياط كما قال أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله: ((لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان ...)) الخبر أو معناه، ثم إن الظاهر طهارته بالشهادة في تلك الساعة ولم يقارف شيئا من المعاصي فيرد، فالتعديل قوله صلى الله عليه وآله: ((الإسلام يجب ما قبله)). على أن النبي صلى الله عليه وآله لا يقر على خطأ وكلامنا فيمن تلبس بالردة أو الفتن مع جواز الإقرار على الخطأ.
[ابن الوزير] قال: الأثر الثالث: حديث أبي محذورة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله علمه الأذان عقيب إسلامه، واتخذه مؤذنا من ذلك الوقت معتمدا عليه في تأدية الفرائض وأجزائها.
[المؤلف] والجواب على هذا الخبر كالجواب على الأول مع زيادة بقائه معه ومصاحبته وتأدية الفرائض التي هي معظم شرائط العدالة.
وأما قبول علي ومعاذ -رضي الله عنهما- لشهادة أهل اليمن على بعضهم الآخر مع عدم معرفتهم فلا يدل لوجوب قبول شهادة المثل على مثله لقضا الدليل بذلك سلمنا، فأين الأمر النبوي لهما بقبول المجهول؟ وأين النقل عنهما لقبوله؟
وأما ما رواه الذهبي في (تذكرة الحفاظ) وحكم بحسنه عن علي صلى الله عليه وآله أنه كان يستحلف من اتهمه من الرواة فجوابه من وجهين:
أحدهما: إن فعل علي صلى الله عليه وآله ليس بحجة عندكم أنت والذهبي فغريب منك، سلمنا حجة فعله، وأنه يلزمنا فهم الطريق على شرطنا وعلى قبول رواية المجهول.
الثاني: إن الخبر ورد في معنى تصديقه صلى الله عليه وآله لرواية أبي بكر من دون تحليفه وهو معارض برده لروايته في أمر فدك وغير ذلك، وليت شعري ما منعه من ذكر تمام الخبر وما أظنه جهل ذلك إلا لئلا يقال: إنه من موضوعات العثمانية.
صفحه ۴۵