وفي عصر ذلك اليوم عينه وصل وارسو جندي بولاندا يحمل رسالة إلى الكونت سمولنسكي رئيس الديت من جون سوبيسكي، فاجتمع النبلاء في الحال، ولما انتظم عقد المجلس قام الكونت رئيس المجلس خطيبا، فقال:
أيها الإخوان
إنكم بلا ريب تعلمون خبر انتصار جنودنا الظافرة على الأتراك في واقعتي جوقزين ولمبرج، وإنه لانتصار سيذكره التاريخ، ويتحدث به الحربيون في كل آن.
وقد حوصر قائدنا الهمام جون سوبيسكي في قرية زراونو وهاجمهم الأتراك، ولكنهم أوقعوا على عمل معاهدة هي في جانبنا أكثر مما هي في جانبهم.
تلك المعاهدة تقضي أن يأخذ الأتراك بادوليا، ونأخذ نحن الأكرين مع دفع جزية معلومة.
وهي نتيجة لو تعلمون باهرة، كان الساعي في تحقيقها جون سوبيسكي، الذي كد واجتهد لينتصر ذلك الانتصار الباهر.
والآن فقد مات الملك بلا وريث؛ فوجب على المجلس أن ينتخب رجلا يقوم مكانه، فلنؤجل اجتماعنا إلى الغد؛ لأن المسألة في غاية من الأهمية، وإن غدا لناظره قريب.
انتشر خبر رجوع سوبيسكي إلى وارسو؛ فعم الفرح أرجاءها، ورقصت القلوب طربا، وكان أشدها فرحا قلب صوفيا، تلك الحبيبة التي كانت تقضي وقتها مصلية له داعية بالنصر والفوز، حتى إذا وصلها خبر رجوعه كاد يثبت قلبها من الفرح، وقبلت سرجيوس خادمها الأمين بين عينيه جزاء لتلك البشرى التي لا يعادلها شيء.
لو عمر أحد البولانديين الأمناء إلى أبريل سنة 1908 وشاهد دخول شوكت باشا ظافرا، بل ولو رأى بعينيه احتفالات الأتراك ومعالمهم لقال: «حقا إن التاريخ يعيد نفسه.»
ولا ريب فقد كانت وارسو بعملها هذا تكافئ من أنقذها من الموت وهيأها لأن تكون مملكة قائمة مستقلة.
صفحه نامشخص