170

تشارلز داروين: حياته

تشارلز داروين: حياته

ژانرها

أثار خطابك، الذي كان جليا كضوء النهار، بالغ اهتمامي. أتفق تماما مع كل ما تقوله عن محاسن مصطلح «البقاء للأصلح» الممتاز الذي ذكره إتش سبنسر.

42

ومع ذلك، لم يخطر هذا ببالي قط. ولكن ثمة اعتراض قوي على هذا المصطلح؛ وهو أنه لا يمكن أن يستخدم كاسم يأتي متبوعا بفعل، وهذا اعتراض حقيقي استنتجته من أن إتش سبنسر يستخدم كلمتي الانتقاء الطبيعي باستمرار. كنت أظن سابقا، بدرجة مبالغ فيها على الأرجح، أن الربط بين الانتقاء الطبيعي والانتقاء الاصطناعي مفيد جدا، وهذا قادني بالفعل إلى استخدام مصطلح شائع، وما زلت أرى هذا مفيدا بعض الشيء. ليتني تلقيت خطابك قبل شهرين؛ لأنني كنت سأضيف مصطلح «البقاء، إلخ» مرارا في الطبعة الجديدة من كتاب «أصل الأنواع»، الذي أوشك الآن أن يطبع، والذي سأرسل إليك نسخة منه بالتأكيد. سأستخدم المصطلح في كتابي القادم عن الحيوانات والنباتات الداجنة، والذي أرى جليا، بالمناسبة، أنك تتوقع منه «الكثير»، بل أكثر مما ينبغي. لقد صار مصطلح الانتقاء الطبيعي يستخدم الآن بكثرة هائلة جدا، داخل البلاد وخارجها، إلى حد أنني أشك فيما إذا كان التخلي عنه سيكون ممكنا، وبرغم كل عيوبه، سأشعر بالأسف إذا نجحت محاولات التخلي عنه. لا شك أن مسألة نبذه أو مواصلة استخدامه تعتمد الآن على مصطلح «البقاء للأصلح». فبينما سيصبح المصطلح مفهوما مع مرور الوقت بالتأكيد، ستصبح الاعتراضات على استخدامه أضعف وأضعف. أشك فيما إذا كان استخدام أي من المصطلحين سيجعل الموضوع مفهوما لبعض العقول، حتى وإن كان واضحا لعقول أخرى؛ أفلا نرى أن فكرة مالتوس عن السكان لم تزل تفهم على نحو خاطئ بسخافة غير معقولة حتى إلى يومنا هذا؟ كثيرا ما أتعزى بالتفكير في مثال مالتوس عندما أتضايق من تحريف آرائي. أما بخصوص السيد جانيه؛

43

فهو ميتافيزيقي، ومثل هؤلاء الرجال أذكياء جدا إلى حد أن عامة الناس كثيرا ما يسيئون فهمهم، حسب ما أظن. إن انتقادك الذي ذكرته بخصوص المعنى المزدوج

44

الذي استخدمت به مصطلح الانتقاء الطبيعي جديد علي وليس عندي رد عليه، لكن خطئي لن يحدث ضررا؛ فأنا لا أظن أن أحدا سواك، قد لاحظه. أقر مجددا بأنني بالغت في إكثار الحديث عن «التباينات المواتية»، لكني أظن أنك تطرح الفكرة المعاكسة بقوة مبالغ فيها؛ فلو أن كل جزء من كل كائن قد تباين، لا أظن أننا سنشهد الوصول إلى الغاية نفسها، أو الهدف نفسه، بمثل هذه الوسائل المتنوعة إلى حد مثير للعجب.

آمل أنك تستمتع بالريف، وتحظى بصحة جيدة، وتعمل بجد على كتابك عن أرخبيل الملايو؛ لأنني سأضع هذه الأمنية دائما في كل رسالة أكتبها لك، كما يفعل بعض الأشخاص الصالحين؛ إذ يضعون نصا مقدسا. لا تزال صحتي كما هي إلى حد كبير، أو تتحسن بعض التحسن، وأستطيع العمل يوميا لبضع ساعات. مع جزيل الشكر على خطابك المثير للاهتمام.

لك أصدق التحيات يا عزيزي من صديقك المخلص

سي داروين

صفحه نامشخص