تشارلز داروين: حياته

احمد سمير درويش d. 1450 AH
156

تشارلز داروين: حياته

تشارلز داروين: حياته

ژانرها

في الواقع، يجب أن يبنى الإيمان بالانتقاء الطبيعي في الوقت الحالي كليا على اعتبارات عامة. أولا، على كونه «سببا حقيقيا»، استنادا إلى الصراع على البقاء، والحقيقة الجيولوجية المؤكدة القائلة بأن الأنواع تتغير بطريقة ما. ثانيا، استنادا إلى التشابه مع التغيير الحادث تحت تأثير التدجين بواسطة الانتقاء البشري. ثالثا، استنادا في الأساس إلى أن هذا الرأي يربط بين مجموعة من الحقائق تحت وجهة نظر واضحة. عندما نتعمق لنخوض في التفاصيل ، نستطيع إثبات عدم تغير أي نوع واحد [أي لا نستطيع إثبات أن نوعا واحدا قد تغير]؛ ولا نستطيع إثبات أن التغييرات المفترضة مفيدة، في حين أن هذا هو أساس النظرية. ولا نستطيع تفسير السبب في تغير بعض الأنواع وعدم تغير بعضها الآخر. وأرى أن فهم الحالة الثانية بدقة وتفصيل لا يختلف في درجة الصعوبة عن فهم حالة التغير المفترض الأولى. يمكن لبرون أن يسأل المدرسة القديمة المؤمنة بفرضية الخلق وكذلك المدرسة الجديدة عن سبب وجود أذنين أطول لدى أحد الفئران من أذني فأر آخر، ووجود نبتة ذات أوراق مدببة بدرجة أكبر من أوراق نبتة أخرى، لكن ذلك سيكون دون جدوى.

من تشارلز داروين إلى جي بينثام

داون، 19 يونيو [1863]

عزيزي بينثام

لقد غمرني خطابك الرئاسي، الذي تكرمت بإرساله إلي، بالسعادة وأثار بالغ اهتمامي. أرى أنه قد أنجز على نحو ممتاز، وبدرجة كبيرة مما يميز القضاة من الهدوء والحياد تضاهي ما كان وزير العدل سيبديه لو كان هو من كتبه. أما بخصوص ما إذا كان السادة المحترمون «المؤمنون بعدم قابلية الأنواع للتغير» سيتفقون مع هذا الحياد أم لا، فذلك موضع للشك؛ إذ ربما يقولون إن الخطاب يحمل لطفا مبالغا فيه تجاهي أنا وهوكر وآخرين. وفوق ذلك، فأنا أعتقد بلا ريب أن خطابك، بهذه الطريقة التي كتب بها، سيسهم في زعزعة الذين لم يزعزعوا وإقناع أولئك الذي يميلون إلى أفكارنا بالانضمام إلى صفنا، بدور أكبر مما تسهم به أي كتابات أخرى تحمل تأييدا مباشرا لمسألة تغير الأنواع. لا أستطيع إطلاقا معرفة سبب ذلك، لكن خطابك أسعدني بقدر ما خيب كتاب لايل أملي؛ أعني الجزء المتعلق بالأنواع، وإن كان مكتوبا ببراعة. أتفق مع كل تعليقاتك على النقاد. بالمناسبة، لوكوك

25

مؤمن بتغير الأنواع. أستطيع شخصيا أن أعلن بضمير حي أنني لا أتفاجأ أبدا من تمسك أي أحد بالإيمان بفكرة عدم تغير الأنواع، وإن كنت كثيرا ما أتفاجأ بشدة من الحجج التي تطرح تأييدا لهذا الجانب. فما زلت أتذكر جيدا للغاية تقلباتي اللامتناهية بين الشك وما كنت أجده من صعوبة في تقبل الفكرة. أضحك حقا عندما أفكر في السنوات التي انقضت قبل أن يتضح لي ما أعتقد أنه شرح لبعض أجزاء القضية؛ أعتقد أن خمسة عشر عاما قد انقضت منذ أن بدأت دراسة هذا الموضوع إلى أن أدركت المغزى من تشعب ذرية أي زوج واحد، وسبب هذا التشعب. شد ما تكيل لي من إطراءات لطيفة ومبهجة جدا. لقد سررت جدا بكثير من الأشياء في محتوى خطبتك، لا سيما تعليقاتك على مجموعة متنوعة من علماء التاريخ الطبيعي. وكذلك أشعر بسعادة بالغة لأنك أشرت إلى باستور بتكريم شديد. لقد ألقيت للتو نظرة فاحصة سريعة على هذه الرسالة، وأرى أنها لا تعبر بقوة كافية عما شعرت به من اهتمام عند قراءة خطبتك. أعتقد أنك قدمت نفعا حقيقيا ل «الجانب الصحيح». مع أصدق تحياتي يا عزيزي بينثام.

لك بالغ إخلاصي

سي داروين

1864 [ورد هذا الإدخال في مفكرة يوميات والدي ضمن أحداث عام 1864: «مريض طوال يناير وفبراير ومارس.» وفي منتصف أبريل تقريبا (أي بعد سبعة أشهر من بداية مرضه في الخريف السابق) تحسنت صحته. وحالما صار قادرا على تأدية أي عمل، بدأ في كتابة ورقتيه البحثيتين عن جنس الخثري، وعن «النباتات المتسلقة»؛ ولذا فالعمل الذي يعنينا الآن لم يبدأ إلا في سبتمبر، عندما شرع مرة أخرى في العمل على كتابه «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين». ويقدم أحد الخطابات إلى السير جيه دي هوكر نبذة عن استئناف العمل؛ إذ يقول والدي فيه: «بدأت أتفحص مخطوطتي القديمة، وهي تبدو جديدة علي كما لو أنني لم أكتبها من قبل؛ توجد فيها أجزاء مملة إلى حد مذهل، لكنها تستحق الطباعة، على ما أظن؛ وأجزاء أخرى تبدو لي جيدة جدا. إنني مليونير، بكل معنى الكلمة، وثروتي من الحقائق الصغيرة الغريبة والعجيبة، وقد ذهلت حقا من جودة العمل عندما كنت أقرأ فصولي عن الوراثة والانتقاء. الرب وحده يعلم متى سيكتمل الكتاب - إن اكتمل أصلا - لأنني أجد أنني واهن جدا، وحتى في أفضل أيامي، لا أستطيع العمل أكثر من ساعة أو ساعة ونصف. هذا أصعب بكثير من الكتابة عن نباتاتي المتسلقة العزيزة.»

صفحه نامشخص