إلى أن جاءت الطوبة في المعطوبة، ليشهدهم في ضيافة العزيزة ويكرم الزناتي وفادتهم كضيوف شرعيين يلتزم العلام بتأمين كل حماية لهم! - أيعقل ما يحدث في تونس الآن بسببه وبسبب كذبه وحماقته؟!
غمغم إلى نفسه: أنا سجان تونس، أصبح سجينا لا حول لي ولا قوة على هذا النحو إزاء ما يحدث؟!
وغمغم مرة أخرى: أتستر على جواسيس ... أبي زيد الهلالي؟!
استدار ملتفحا عباءته استعدادا للرحيل ومقابلة خاله خليفة الزناتي منبها نفسه بصوت مسموع: وليكن ما يكون.
اتخذ العلام طريقه إلى قصر عزيزة متخذا وضعه المختبئ السابق الذي يسمح له بمواصلة التلصص وهو يفج في مأزقه متطلعا إلى الشبان الثلاثة وأخصهم يونس الذي قاربته عزيزة في جلستها الهائمة، ثم ذلك الكهل النشط الموقد الحركة والتعبير كمثل جمر ملتهب «أبو زيد» معاودا الإسرار لنفسه: هم بذاتهم جواسيس بني هلال الأربعة.
عاد متسائلا في ألم: وأين؟ داخل قصرك يا عزيزة؟!
وتضاعف ألمه أكثر حين استرجع تفاصيل ما حدث معه أمام خاله الزناتي في تلك الليلة ذاتها فقط.
حين أثقل عليه بضرورة إحضار جواسيس عرب المشرق الذين كانوا قد تسللوا بمساعدة عبدهم الأسود صاحب الحيل والملاعيب الذي يعتقد أنه أبو زيد الهلالي من بوابات تونس صباح «الموسم» الماضي واختفوا داخل تونس كمن انشقت الأرض وابتلعتهم.
فما كان من العلام إلا أن قطع تونس طولا وعرضا، بحثا عنهم دون أن يعثر لهم على أثر. - ابتلعتهم أرض تونس وقلاعها.
زفر العلام منفعلا من أعماق قلبه وهو يعاود التلصص مركزا كل حواسه هذه المدة على وجه العزيزة، التي كانت بدورها مستغرقة في تأمل وجه ذلك الفتى الجالس إلى جوارها، والذي نفذ حبه إلى أعماق قلبها كمثل نصل غائر الأبعاد؛ يونس.
صفحه نامشخص