ضحكوا طويلا وأبو زيد ما زال يراقبه في تجبره وزيه المضحك، ويدعوهم صارخا بأعلى صوته: اذهبوا بلا رجعة!
وغابوا في أثر أبي زيد متوجهين نحو الصحارى والقفار والسهول وأعالي الجبال وشعابها حيث قضوا فيها أياما، يقدمون فنونهم ويمتدحون الأجاويد إلى أن شارفوا تلال حلب الشهباء والتي منها اقتنى أبو زيد الهلالي فرسته - الشهباء الشهيرة - فهمسوا قائلين: حلب الشهباء!
سكك أبي زيد
يعرف أبو زيد الهلالي المدن والأمكنة والمسالك كما تعرف هي - أي المدن - مآثر ومأثورات «نصير المساكين» أبي زيد ذاته.
ومنذ خروجه من نجد وعروجه إلى خلوته التنكرية التي مارس فيها تابعه وعياره العجوز أبو القمصان طغيانه على الفرسان الثلاثة منكلا ومعلما، لحين طوافه على أطراف جنوب الجزيرة الساحلية إلى عدن وحضرموت والبحرين، ثم قدومه إلى بلاد السرو وعبادة بوادي الأردن وفلسطين التي كان يحكمها السركسي بن قارب صاحب الجيوش والمواكب والحشود الهائلة المعاربة، والتي أثارت تحفظات أبي زيد ويونس حتى إن أبا زيد بعث من فوره إلى قومه الهلاليين مخبرا منشدا:
أيا عطور الجيد إن السركسي
يشبه الذئب قد حظي بغنائم
هذا السركسي ما أحد يصادمه
إذا قام في ظهر الحصان يلاطم.
وكتب للسلطان حسن بن سرحان مشيرا إلى سطوة حاكم القدس وغزة:
صفحه نامشخص