إنها قصة حدثت ودارت في قلب وخلفية الجحيم الذي نحياه.
وأبطالها كلهم وكأنما يساقون إلى مصيرهم وحتفهم بقدر لا يستطيعون منعه أو دفعه أو حتى تحويل مساره. •••
ثلاثة فتية عرب.
أحدهم ولد - حيث يقول - في قرية يحتسي فيها أبوه زيت الزيتون كل صباح ليكتسب الصحة والقدرة وطول العمر والبقاء، ومات هو - الفتى - مجندلا في طائرة مصرية، كان ينوي أن يقتل - وقتل - كل ركابها الذين لا ذنب لهم ولا حول إلا أنهم ركاب طائرة مصرية.
وزميلاه اللذان قابلاه في أثينا، لأول مرة يلتقي الثلاثة، عربا كنا ونبقى عربا، لا يعرف بعضهم البعض ، بل حتى لا يعرفون مهمتهم، وإنما بكل براءة وسذاجة وضياع تلقوا الأمر من قائد خسيس؛ لكي ينقذوا فلسطين والقضية، لكي تكونوا أبطالا خذوا هذه المسدسات والقنابل واخطفوا طائرة العدو المصري اللدود ونفذوا التعليمات.
لم يتوقف أحدهما ليناقش ما علاقة إنقاذ فلسطين بقتل ركاب مدنيين أبرياء؟! وهل الطائرة المصرية التي تقل فلاحين مصريين وركابا أجانب هي طائرة معادية مثل التي تخرق حاجز الصوت فوق بيروت كل يوم، وتدك البقاع دكا دكا، وتمسح قرى ومدن الجنوب اللبناني بلا أي ذرة رحمة أو هوادة.
أبدا، لم يتوقف أحدهما ليناقش نفسه أو قائده، فهو شاب عربي يريد الخلاص، وقد أقنعوه أن الخلاص في اقتناع قيادته، وثقته في تلك القيادة لا حد لها.
فإذا كان قد تشكك أو تردد فإنهم كانوا يقولون له: وهل كان الفلسطينيون في دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشتيلة من العسكريين أم كانوا من الأطفال والنساء المبقورات البطون البارزات الأشلاء والأجنة؟!
إننا نحارب إرهابا بإرهاب، وأعداؤنا إرهابيون سابقون، وهكذا يجب أن نكون لنهزمهم، وننتصر، ونسترد الأرض والعرض، غافلين عن الحقيقة التي يرددها دهاة الصهيونية أنفسهم من أن أخطر شيء على الإنسان أن يتبنى منطق عدوه، وما دام منطق عدوه هو الإبادة والذبح والإرهاب، فهكذا لا بد أن نرد ناسين أن العدو هو الذي يريد بالضبط هذا، فكيانه قائم على الإرهاب ويموت الكيان لو توقف الإرهاب، ولكي يرهب عليه أن يعتمد على بعض الحوادث الإرهابية التي نقوم بها نحوه؛ ولهذا فمن مصلحته القصوى أن يستمر إرهابنا الصغير نحوه ليسدر في إرهابه الكبير هو، ولكن ...!
ولكن تلك طائرة مصرية وركابها معظمهم عرب ... و...!
صفحه نامشخص