قد كافأهم عليها بالمعجزات التي تمت على أيديهم وأيدي أعوانهم في إحداث أعظم انقلاب عرفه تاريخ الإنسانية. ولو كان الصحابة والتابعون بالصورة التي صورهم بها أعداؤهم ومبغضوهم لكان من غير المعقول أن تتم على أيديهم تلك الفتوح، وأن تستجيب لدعوتهم الأمم بالدخول في دين الله أفواجا.
والقاضي أبو بكر بن العربي مؤلف (العواصم من القواصم) إمام من أئمة المسلمين، ويعتبره فقهاء مذهب الإمام مالك أحد أئمتهم المقتدى بأحكامهم، وهو من شيوخ القاضي عياض مؤلف كتاب (الشفا في التعريف بحقوق المصطفى)، ومن شيوخ ابن رشد العالم الفقيه والد أبي الوليد الفيلسوف، ومن تلاميذه عشرات من هذه الطبقة كما سترى من ترجمته الآتية بعد. وكتابه (العواصم من القواصم) من خيرة كتبه، ألفه سنة ٥٣٦ وهو في دور النضوج الكامل، بعد أن امتلأت الأمصار بمؤلفاته وبتلاميذه الذين صاروا في عصرهم أئمة يهتدى بهم. وهذا الكتاب في جزأين متوسطي الحجم، ومبحث (الصحابة) الذي نقدمه لقرائنا هو أحد مباحث جزئه الثاني (من ص٩٨ إلى ص١٩٣ من طبعة المطبعة الجزائرية الإسلامية في مدينة قسنطينة بالجزائر سنة ١٣٤٧) وكان قد وقف على تلك الطبعة شيخ علماء الجزائر الأستاذ عبد الحميد بن باديس ﵀. ومما يؤسف له أن الأصل الذي اعتمد عليه في تلك الطبعة كان مكتوبا بقلم ناسخ غير متمكن، فوقعت فيه تحريفات لفظية وإملائية حرصنا على
1 / 7