فخرج الناس يتلونها في سكك المدينة كأنها لم تنزل إلا ذلك اليوم (١) .
[موقفه في سقيفة بني ساعدة]
واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة يتشاورون، ولا يدرون ما يفعلون، [وبلغ ذلك المهاجرين] فقالوا: نرسل إليهم يأتوننا، فقال أبو بكر: بل نمشي إليهم، فسار إليهم المهاجرون، منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، فتراجعوا الكلام، فقال بعض الأنصار: منا أمير ومنكم أمير (٢) . فقال أبو بكر كلاما كثيرا مصيبا، يكثر ويصيب، منه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، إن رسول الله ﷺ قال: «الأئمة من قريش» (٣) وقال: «أوصيكم بالأنصار خيرا: أن تقبلوا من محسنهم، وتتجاوزوا عن
_________
(١) رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة من صحيحه (ك ٦٢ ب ٥ - ج ٤ ص ١٩٤) من حديث عائشة. وفي سنن الدارقطني (٣: ٤٠٦) والبداية والنهاية للحافظ ابن كثير (٥: ٢٤٢) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أحد أعلام المسلمين، عن عائشة أم المؤمنين التي وقعت هذه الحوادث في بيتها وفي المسجد النبوي الذي يطل بيتها عليه. وجميع دواوين السنة سجلت هذا الموقف العظيم للصديق الأكبر بأصح الأحاديث. وألفاظها قريب بعضها من بعض.
(٢) الذي قال ذلك من خطباء الأنصار الحباب بن المنذر، وقد تقدم في هامش ٣ ص ٤٠.
(٣) الحديث في مسند الطيالسي برقم ٩٢٦ عن أبي برزة، وبرقم ٢١٣٣ منه عن أنس. وفي كتاب الأحكام من صحيح البخاري ك ٩٣ ب ٢ - ج٨ ص١٠٤ - ١٠٥) عن معاوية أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: " إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبة الله على وجهه ما أقاموا الدين " وعن عبد الله بن عمر قال رسول الله ﷺ: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " وفي مسند الإمام أحمد (٣: ١٢٩ الطبعة الأولى) عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قام على باب البيت ونحن فيه فقال " الأئمة من قريش. إن لهم عليكم حقا. . . إلخ " ورواه الإمام أحمد أيضا في المسند (٣: ١٨٣ الطبعة الأولى) عن أنس قال: كنا في بيت رجل من الأنصار فجاء النبي ﷺ حتى وقف فأخذ بعضادة الباب فقال " الأئمة من قريش، ولهم عليكم حق، ولكم مثل ذلك. . . إلخ " ورواه الإمام أحمد كذلك (٤: ٤٢١ الطبعة الأولى) عن أبي برزة يرفعه إلى النبي ﷺ قال " الأئمة من قريش: إذا استرحموا رحموا، وإذا عاهدوا وفوا، وإذا حكموا عدلوا. فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".
1 / 43