الإحياء (١) وعاد إلى بغداد فنزل برباط أبي سعد بإزاء النظامية، وحينئذ اتصل به ابن العربي ولازمه. وبعد أن حج ابن العربي -كما سنذكره في الفقرة التالية - وعاد من العراق إلى الشام في طريقه إلى وطنه لقي الغزالي في صحاري الشام وهو في طور آخر. وعندنا النصوص التالية عن ابن العربي فيما يتعلق بالغزالي:
النص الأول: نقله المقري في نفح الطيب (٢-٣٣٨) وفي أزهار الرياض (٣-٩١) عن (قانون التأويل) لابن العربي قال (ورد علينا دانشمند-يعني الغزالي - فنزل برباط ابن سعد بإزاء المدرسة النظامية معرضا عن الدنيا، مقبلا على الله تعالى. فمشينا إليه، وعرضنا أمنيتنا عليه، وقلت له: أنت ضالتنا التي كنا ننشد، وإمامنا الذي به نسترشد، فلقينا لقاء المعرفة، وشاهدنا منه ما كان فوق الصفة. . . . . إلخ) .
والنص الثاني: في نفح الطيب (١-٣٤٣) عن ابن العربي أنه قال (وكان يقرأ معنا برباط أبي سعد على الإمام دانشمند من بلاد المغرب خنثى له لحية
_________
(١) نقل ابن العماد في شذرات الذهب (٤: ١١) قول الأسنوي في طبقات الشافعية وهو يترجم الغزالي " وأقبل على العبادة والسياحة فخرج إلى الحجاز سنة ٤٨٨ فحج ورجع إلى دمشق واستوطنها عشر سنين بمنارة دمشق، وصنف فيها كتبا يقال إن (الأحياء) منها ثم سار إلى القدس والإسكندرية ثم عاد إلى وطنه طوس " ونبهني الأستاذ الشيخ محمد صبري عابدين إلى أن في ترجمة الغزالي بكتاب الأنس الجليل (١: ٢٦٥) ما نصه: " وأخذ في التصانيف المشهورة ببيت المقدس، فيقال إنه صنف في القدس (إحياء علوم الدين) وأقام بالزاوية التي على باب الرحمة المعروفة قبل ذلك بالناصرية شرقي بيت المقدس، فسميت بالغزالية نسبة إليه ". وقد أصاب الجمال الأسنوي في تحديد سنة مجيء الغزالي إلى دمشق، ويوافقه في ذلك ابن العماد في الشذرات (٣: ٣٨٣)، غير أن الأسنوي وهم في تقديره إقامة الغزالي بعشر سنين، والغالب أنه قام سنتين ثم حج وعاد إلى بغداد في المدة التي لازمه فيها ابن العربي في رباط أبي سعد. ثم بدا له أن يكسر مغزله ويعود إلى دمشق وبيت المقدس سائحا فيما بينهما وبين الإسكندرية إن صح تردده إليها، وبعد هذا الطور انقلب إلى طوس ودعي منها إلى نظامية نيسابور فلم يستقم له الحال فيها فرجع إلى طوس ومات فيها سنة ٥٠٥.
1 / 20