تصيدون الأرانب غافلينا
وإنا لنعلم أنه لما مات معاوية سنة 60ه وتولى بعده ابنه يزيد، أبى الحسين أن يبايع له بالخلافة، بل رأى أكثر أهل التقى في مبايعة يزيد خرقا لحرمة الدين، ثم قتل الحسين في كربلاء سنة 61ه فألفت الشيعة «حزب التوابين» بعد وفاة يزيد وبيعة مروان بن الحكم سنة 64ه، وأخرجوا والي الكوفة الأموي عبيد الله بن زياد، وولوا عليهم رجلا منهم.
ثم تألف حزب «شرط الله» بزعامة المختار بن أبي عبيد الله الثقفي، وانقسمت الشيعة العلوية إلى فرق عدة؛ أهمها الفرقة الإمامية، وهي التي ترى أن أحق الناس بالخلافة هم ولد علي من فاطمة بنت النبي، والأئمة في نظرهم اثنا عشر إماما؛ وهم: علي، والحسن، والحسين، وزين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد التقي، وعلي التقي، وحسن العسكري، ومحمد المهدي.
ومنها الفرقة الكيسانية، وهي التي تقول بتحول الخلافة بعد الحسن والحسين إلى أخيهما محمد بن الحنفية، ومنها الفرقة الزيدية نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين، والفرقة الإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، وفرق أخرى أصغر من تلك شأنا، وأقل أثرا. •••
على أنه كان يوجد بجانب أولئك الولاة المخلصين لبني أمية والمسرفين في مطاردة الحزب العلوي فريق آخر على رأسه خالد القسري، يعمل لمناصرة العلويين سرا لا علانية، كما يعمل - في العادة - فريق من موظفي الحكومة لحزب الأقلية المضطهد طمعا في المناصب، أو نصرا لعقيدة سياسية، أو إيثارا للعدل والإنصاف.
على أن الدعوة العلوية كانت فاترة ضعيفة إذا قورنت بالدعوة العباسية التي سنتكلم عليها في الكلمة الآتية، ولعل من أكبر أسباب ضعف
1
الدعوة العلوية مبايعة زعماء العباسيين محمد بن عبد الله الملقب بالنفس الزكية، فقد بايعه أبو العباس السفاح كما بايعه أبو جعفر المنصور وغيرهما من أئمة الحزب العباسي.
وكذلك سارت الدعوة لآل محمد شوطا بعيدا، وظاهرتها شخصيات بارزة قوية الشوكة وفيرة المال والجاه، أمثال أبي سلمة الخلال الفارسي المعروف.
وسترى كيف تحولت الدعوة العلوية إلى وجهة أخرى، وكيف استغلت لمصلحة العباسيين.
صفحه نامشخص