لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم
إن الذئاب إذا ما ألحمت رتع
لا تبقرن بأيديكم بطونكمو
فثم لا حسرة تغني ولا جزع
ولما تم ليزيد الأمر خرج عليه مروان بن محمد - وكان أمير الجزيرة وأرمينية - ومعه جيش جرار يأتمر بأمره، ومعه الغمر بن يزيد للمطالبة بدم أخيه، فغلب يزيد على أمره وانبسطت في البيت المالك يد الفرقة والانشقاق. (3) الشيعة العلوية
لم تصل الخلافة إلى معاوية إلا بدهائه وسعة حيلته وبعد نظره وحسن تصريفه للأمور، وإلا فقد كان هناك حزب قوي الشكيمة عزيز المكانة يرى علي بن أبي طالب أحق بالخلافة، ولولا دهاء معاوية ما نزل الحسن بن علي ولا أخلى لخصمه الميدان في سنة 41 هجرية، وقد كان من نتيجة ذلك أن سخطت الأحزاب العلوية من تصرفه، فجمعوا الجموع وجندوا الجنود وثاروا على أمير الكوفة الأموي، وهو زياد بن أبيه - وكان يد معاوية التي بها يصول - ولكن زيادا يعرف كيف تخمد الفتنة، وتطفأ الثورة، فبادر إلى استئصال الداء، وقتل منهم خلقا كثيرا أشهرهم حجر بن عدي وأصحاب حجر بن عدي، بيد أن إراقة الدماء تهيج الحماسة، وتؤجج نار العداوة والبغضاء في قلوب المغلوبين، وكذلك ظلت الفتنة تنذر بالشر المستطير.
رأى الدعاة العلويون أنه لا قبل لهم بمعاوية ولا برجاله، فتربصوا بهم ريب المنون، وعللوا النفس بتقلبات الحوادث وعنت الأيام، راجين أن تعود الخلافة إلى بيت النبي، ولكن شد ما فزعوا يوم أخذ معاوية البيعة لابنه يزيد المعروف بالميل إلى اللهو والقصف والتلهي بالصيد عن شئون المسلمين، وفيه يقول عبد الله بن همام السلولي:
حشينا الغيظ حتى لو شربنا
دماء بني أمية ما روينا
لقد ضاعت رعيتكم وأنتم
صفحه نامشخص