ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
ولم يجزم المؤرخون بتاريخ مولد عمرو ولا قاربوا الجزم فيه، فهو عند بعضهم عاش سبعين سنة، وعند بعضهم بلغ المائة.
وإذا صح أنه كان يذكر الليلة التي ولد فيها عمر بن الخطاب، وأنه كان له يومئذ من العمر سبع سنين فالأرجح أنه ولد قبل الهجرة بنحو أربع وأربعين سنة، حوالي سنة 580 للميلاد.
على أن المؤرخين مختلفون في سن عمر بن الخطاب يوم وفاته، فبعضهم يؤكد أنه قتل وله من العمر خمس وخمسون سنة، وبعضهم يؤكد أنه كان يومئذ في الثالثة والستين، ونحن نميل إلى الاقتراب من التاريخ الثاني؛ لأن عمر - رضي الله عنه - كان يشكو الكبر في سنة وفاته، ويسأل الله أن يقبضه إليه؛ لأنه شاخ وانتشرت رعيته، والمرء في بنية عمر وقوته لا يشكو الهرم في الرابعة والخمسين أو الخامسة والخمسين، فذلك بما بعد الستين أوفق وأقرب إلى القبول.
وعلى هذا تكون السنة التي رجحنا ولادة عمرو فيها هي أقرب التواريخ إلى المعقول، ويكون عمرو قد جاوز الثمانين بسنوات ولم يرتفع إلى المائة؛ لأنه عاش بعد عمر عشرين سنة، وولد قبله بسبع سنين، فإذا كانت سن عمر عند وفاته حوالي الستين فقد عاش عمرو بن العاص إلى قريب من السابعة والثمانين.
وإذا شككنا في سن عمرو يوم مولد عمر، وحسبناها دون السابعة فهو إذن قد جاوز الثمانين بقليل.
ويدعونا إلى الشك في هذه السن أن اعتذار عمرو من تأخر إسلامه باتباع كبار قومه لا يقبل من رجل في نحو الخمسين، وهي سنه عند إسلامه وإن كان مع ذلك ليستغرب حتى ممن بلغ الأربعين.
وليس في نشأة عمرو من تاريخ يستوقف المترجم له بعد سنة ميلاده غير سنة زواجه، ويظهر أنه كان من المبكرين بالزواج؛ لأن ابن قتيبة يقول: «إن الفارق في المولد بينه وبين ابنه عبد الله اثنتا عشرة سنة.» وهو فارق غير معقول، ولكنه يدل على صغر سنه حين بنى بأم عبد الله، وهي فتاة من قبيلته اسمها ريطة بنت منبه بن الحجاج.
الفصل الثاني
التعريف بعمرو بن العاص
صفحه نامشخص