[محاسبة النفس]
قال الوافد: مالي لا أخفف حملي ؟! مالي لا أخفف شغلي ؟! مالي لا أترك جهلي ؟ مالي لا أتبع عقلي ؟! مالي لا أجتهد ؟! مالي لا أجد ؟! مالي لا أخدم ؟! مالي لا أحزم ؟! إلى متى الرقاد ؟! إلى متى السهاد ؟! ( إلى متى أخالف ما أعلم ؟ أما أعلم أني إلى الله أقدم ؟! أين الحزم، أين العزم ؟ أين الجهد ؟ أين القصد ؟ ما هكذا يكون العبد )، إلى متى أنقض العهد ؟! ( إلى متى أخلف الوعد ) ؟! إلى متى أقول غدا أو بعد غد ؟! أما أعلم أن مسكني اللحد ؟! ما أقسى فؤادي! أنسيت معادي ؟! ما أقل زادي! قرب سفري! ركبت خطري.
الآن تخلق الجدة، الآن تنتهي المدة، الآن ينزل الموت، الآن يقع الفوت، الآن يسمع الصوت، الآن يغلق الباب، الآن أفارق الأحباب، الآن أنقل إلى التراب، الآن أحضر إلى الحساب، الآن أعاين البلاء، مالي لا أنتهي عن الهوى ؟! مالي لا أتبع الهدى ؟! لا بد من سفر، لا بد من خطر، لا بد من موت، لا بد من فوت، لا بد من العرض على الملك الفرد، لا بد من القبر، لا بد من الحشر، لا بد من النشر، لا بد من حسرة، لا بد من عبرة، لا بد من زوال، لا بد من ارتحال، لا بد من الجزاء على الأفعال.
خنت بالعينين، أصغيت بالأذنين، أخذت الحرام باليدين، مشيت إلى المعاصي بالرجلين، حركت بالكذب الشفتين، قطعت الرحم وعققت الوالدين، أعرضت عن مولاي وتبعت هواي، نسيت ما بين يدي، غفلت عما أساق إليه، لم أذكر من أعرض عليه، ( كأني وقد عدمت نظر العينين، وسمع الأذنين، وبطش اليدين، ومشي الرجلين )، كأني وقد منعت الخطاب بلساني، وسلبت القوى من أركاني، ونزع روحي وأدرجت في أكفاني، فويلي من ملائكة يشهدون علي بما صنعت، ويحفظون ما ضيعت، فيا كربتاه، واغمتاه، ويا حزناه، ويا غصتاه، ويا شجناه، ويا غبناه، ويا سوء حالتاه.
وأنشد يقول:
صفحه ۳۰۳