فإن قال قائل لا أطمع للمشركين لإجماع المسلمين، بطل الاعتلال بالآية. وقيل له: إن الأمة لم تجمع إلا من قبل خبر الله. وكذلك أثبتنا نحن وعيد الله على الفاسقين من قبل خبر الله بقوله :{ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } [النساء:14]. ونحو ذلك من الآيات. فكل من مات على معاصي الله مصرا غير تائب إلى الله، فهو من أهل وعيد الله وعقابه.
ومعنى قوله :{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء }. أنه يغفر للمجتنبين الصغير، إذ أخرج الكبير من أن يكون مغفورا بقوله:{ ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } [غافر:18]. وبغير ذلك من الوعيد، وبين أنه يعد بالمغفرة الصغير قوله:{ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما } [النساء:31]. وقد يغفر الكبير لمن تاب منه، فيكون قوله:{ لمن يشاء }. أي: لمن تاب من الكبائر.
صفحه ۲۷۱