فلا هو أرادها جل ثناؤه، ولا هو عز وجل عصي مغلوبا، ولكنه الحليم تأنى بخلقه وأمهلهم وحلم عنهم، ولم يعجل عليهم بالانتقام منهم، ليرجعوا فيتوبوا، فاغتروا بحلمه عنهم، حتى افتروا عليه، فزعموا أنه أمر بما لا يريد، ونهى عما يريد، وأن رسله صلوات الله عليهم خالفوه فيما أراد، وأن إبليس عليه غضب الله وافقه فيما أراد. وذلك أنهم زعموا أنه أراد الكفر من كثير من عباده، وأرسل إليهم رسله يدعونهم إلى الإيمان وهو خلاف ما أراد من الكفر، وأن إبليس دعاهم إلى الكفر وهو ما أراد منهم، فكان إبليس في قولهم - لله جل ثناؤه فيما أراد - موافقا، وكان رسول الله صلى الله عليه فيما أراد من ذلك مخالفا، ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ).
صفحه ۲۶۲