هذا مع زعمهم أن أفعال العباد كلها طاعتها ومعصيتها صنعه وخلقه، هو تولى خلقها وإحداثها، خلافا لقول الله تعالى: { جزاء بما كانوا يعملون } [الواقعة:24]. { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } [الأعراف:43]. وقوله لأهل المعاصي: { لبئس ما كانوا يعملون } [المائدة:62]. و{ ساء ما كانوا يعملون } [التوبة:9، المجادلة:15، المنافقون:2]. و{ إنما تجزون ما كنتم تعملون } [الطور:16، التحريم:7]. فكفروا بالله كفرا لم يكفر به أحد من العالمين، لعظيم فريتهم على ربهم جل ثناؤه، ورميهم إياه بجميع جرمهم، تعالى الله عن إفكهم علوا كبيرا! وتقدس وجل ثناؤه!! أليس في كتابه، وفي حجة عقول خلقه، عدله عليهم وإحسانه، وبرآءته من ظلمهم ؟! إذ قال جل ثناؤه: { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون } [النحل:90].
فوالله لو لم ينزل على عباده إلا هذه الآية في عدله لكان فيها البيان والنور، وهي آية محكمة مجملة تأتي على جميع الأمر بالطاعة، والنهي عن المعصية .
وفي أمر الله جل ثناؤه عباده بالطاعة، دليل لمن كان له عقل أن الله جل ثناؤه أرادها وشاءها وأحبها، إذ كان بها آمرا وعليها حامدا، ولأهلها مواليا، ولهم مثيبا. وفي نهيه عن المعصية دليل أنه لم يردها ولم يشأها ولم يحبها، إذ كان عنها ناهيا، وعليها ذآما، ومن أهلها بريئا، ولهم معاقبا.
صفحه ۲۶۱