من الناحية السياسية، كانت التجربة الإندونيسية أكثر تقدما، جبهة لكل القوى الوطنية تمارس تجربة ديمقراطية متطورة ومتميزة.
ولكن ... من الناحية الاقتصادية والاجتماعية: في إندونيسيا كانت مواقع رأس المال الأجنبي والإقطاع قوية، وفي مصر ضربت تلك المواقع بضراوة.
وعندما تعرضت التجربتان للامتحان، ورغم ضراوة الضربات ضد التجربة المصرية أثبتت الأحداث قدرة التجربة المصرية على الصمود بينما تبخرت التجربة الإندونيسية بالكامل.
إن جوهر خطأ د. زكريا، أنه لم يتنبه إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بما فيه الكفاية؛ بحيث طغى الجانب السياسي على هذا العامل الحاسم وأخفى صورته، ولعل هذا ما دفعه للتساؤل عن سبب عدم الإفراج عن اليساريين عند صدور قرارات التأميم.
إن اليسار في نظر صاحب الدراسة قد استؤنس في ظل عبد الناصر وفقد جاذبيته وسرقت شعاراته.
إن عبد الناصر ليس هو المسئول عن تطور اليسار، صحيح أن هناك تأثيرا متبادلا، لكن هذا الاعتبار الثانوي لا يمكن بكل المقاييس العلمية أن يكون هو الاعتبار الرئيسي في حياة اليسار.
من المسئول عن تطور اليسار
تطور اليسار المصري تم بصورة موضوعية، وبسبب عوامل ذاتية أساسية في داخله، وفي الظروف والتطور العام الذي عاش فيه، وهو لم يبع شعاراته ولم تسرق منه، ذلك أن الشعارات التي رفعها قبل وبعد 52 كانت من الجماهيرية بحيث أجبرت حزب الوفد على التخلي عن بعض مواقفه التقليدية والتاريخية، وفرضت نفسها على مجمل التطور بعد الثورة.
وخطأ اليسار أنه لم يكن مطلوبا أن يتحول إلى بائع «روبابيكيا» يبيع شعاراته القديمة أو يعرضها للسرقة، ولكنه أخطأ في توحيد كلمته على التقدم بأفكار جديدة، وفق علاقات القوى الجديدة ذلك هو جوهر الخطأ وهو نابع من داخل اليسار نفسه.
المشكلة الحقيقية التي تواجه اليمين
صفحه نامشخص