بتّ وكور ضخم، وخفّ جافى [١]، فقال: أنشدك أبا أسيد بعض ما حبّرته فيك من أراجيزي. قال: هات. فأنشده أرجوزة أعرابيّة فصيحة [٢]، فبينا نحن نستحسن معانيها ونستجيد حوكها إذ قال:
أبرص فيّاض اليدين أكلف [٣] ... والبرص أندى باللهى وأعرف [٤]
مجلوّذ في الزّحفات يزحف [٥]
قال: فصحنا حتّى قطعنا عليه إنشاده فقال عمرو: ارفقوا بشاعرنا وزائرنا؛ فإنّ أكثر الشعراء الذين توضّحت جلودهم قد افتخروا بذلك. وقد قال الشاعر [٦]:
أيشتمني زيد بأن كنت أبرصا ... فكلّ كريم لا أبالك أبرص
أراد: كل أبرص كريم فقال: كاكريم أبرص. وهذا من المقلوب.
وزعم كثير من الناس أنّ ذاك البياض إنّما أصابه بسبب يمين حلف بها عند أستار الكعبة.
_________
[١] هذا جار على إثبات ياء المنقوص في الوقف. وهو مذهب جائز. انظر همع الهوامع ٢: ٢٠٦، وشرح الرضي على الشافية ٢: ٢٧٩. والجافي: الغليظ الثقيل.
[٢] في الأصل: «فصحته» .
[٣] الكلف: لون يعلو الجلد فيغير بشرته.
[٤] في الأصل: «أيدي» بالياء، صوابه من الحيوان ٥: ١٦٤. واللهى، بضم ففتح:
جمع لهوة، بالضم، وهي العطية، أو أجود العطايا.
[٥] المجلّوذ: الماضي السريع، وقد اجلوذ اجلوّاذا. وفي الأصل: «مجلوز» صوابه بالذال كما في الحيوان. والوجفات: جمع وجفة، من الوجف والوجيف، وهو سرعة السير.
وفي الحيوان: «في الزحفات مزحف» .
[٦] هو أبو مسهر الأعرابي، كما في الحيوان ٥: ١٦٦، وهو من فصحاء الأعراب الذين روى عنهم العلماء. الفهرست ٧١. وانظر نسبة البيت كذلك في عيون الأخبار ٤: ٦٤.
ونسبة الأبشيهيّ في المستطرف ٢: ٢٧١- ٢٧٢ إلى شاعر اسمه «سهل» .
1 / 67