(سموه أحمد فالإسلام يحمده ... والدهر كاسم أبيه ممرع خصب)
ومما ينبغي للشاعر أن يلزمه فيما يقوله من الشعر ألا يخرج في وصف أحد ممن يرغب إلي أو يرهب منه، أو يهجوه أو يمدحه أو يغازله [أو يهازله] عن المعنى الذي يليق به ويشاكله، فلا يمدح الكاتب بالشجاعة، ولا الفقيه بالكتابة، ولا الأمير بغير حسن السياسة، ولا يخاطب النساء بغير مخاطبتهن، ولكن يمدح كل أحد بصناعته، وبما فيه من فضيلته، ويهجوه برذيلته، ومذموم خليقته، ويغازل النساء بما يحسن من وصفهن، ومداعبتهن، والشكوى إليهن، فإن في مفارقته هذه السبيل التي نهجناها، وسلوكه غير هذه الطريق وضعا الأشياء في غير مواضعها، [وإذا وضعت الأشياء في غير مواضعها] قصرت عن بلوغ أقصى مواقعها، ولذلك قال الأمين لأبي نواس إذا قلت في الخصيب:
(إذا لم تزر أرض الخصيب وكابنا ... فأي فتى بعد الخصيب تزور)
فماذا أبقيت لي؟ قال: قولي يا أمير المؤمنين:
(إذا نحن أثنينا عليك بصالح ... فأنت كما تثني وفوق الذي تثني)
(وإن جرت الألفاظ يوما بمدحة ... لغيرك إنسانا فأنت الذي تعني)
ولقد لعمر - أحسن الأمير السؤال ووضعه موضعه، وأحسن أبو نواس الاعتذار وتلافي ما فرط منه.
صفحه ۱۴۴