بحوث فی الملل و النحل

Jafar al-Subhani d. 1450 AH
97

بحوث فی الملل و النحل

ژانرها

العقائد وطرح قدم القرآن خاصة على بساط البحث مع أنه لم يرد في ذلك نص عن النبي والصحابة.

قال « زهدي حسن » عند البحث عن تأثير الديانات في تكون العقائد : فمن أهل تلك الأديان من تركوا أديانهم ودخلوا في الإسلام . لكنهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من عقائدهم القديمة ولم يتسن لهم أن يتجردوا من سلطانها ، لأن للمعتقدات الدينية على نفوس الناس قوة نافذة وهيمنة عظيمة فلا تزول بسهولة ولا تنسى بسرعة ، ولهذا فإنهم نقلوا إلى الإسلام عن غير تعمد أو سوء قصد بعض تلك المعتقدات ونشروها بين أهله.

ومنهم وهذا يصح عن الفرس كما سنرى من اعتنق الإسلام لا عن إيمان به أو تحمس له وإنما لغايات في نفوسهم فعل بعضهم ذلك طمعا في مال يجنيه أو جاه يناله ، وأقدم البعض الآخر عليه بدافع الحقد على المسلمين الذين هزموا دينهم وهدموا ملكهم ، فأظهروا الإسلام وأبطنوا عداوته ودأبوا على محاربته والكيد له ، فكانوا خطرا عليه كبيرا ، وشرا مستطيرا ، لأنهم ما انفكوا ينفثون فيه ما في صدورهم من الغل والغيظ ، ويروجون بين أبنائه من الأفكار والآراء ما لا تقره العقيدة الإسلامية حبا في تشويه تلك العقيدة ورغبة في إفسادها.

وكثيرون من غير المسلمين تمسكوا بأديانهم الأصلية ، لأن الإسلام منحهم حرية العبادة ، ولم يتدخل في شؤونهم الخاصة ما داموا يدفعون الجزية ، ولما توطدت أركان الدولة الإسلامية وتوسعت أعمالها في عهد بني أمية ، ولما لم تكن للعرب الخبرة الكافية في أمور الإدارة ، فإنهم اضطروا إلى أن يعتمدوا في تصريف شؤون البلاد على أهل الأمصار المتعلمين الذين اقتبسوا مدنية الفرس وحضارة البيزنطيين ، فأسندوا إليهم أعمال الدواوين. وهكذا كانوا يحيون بين ظهراني المسلمين ، ويحتكون دوما بهم ... والاحتكاك يؤدي إلى تبادل الرأي ، والآراء سريعة الانتقال شديدة العدوى.

وقال أيضا : إن الأمويين قربوهم ( المسيحيين ) إليهم ، واستعانوا بهم ، وأسندوا إليهم بعض المناصب العالية ، فقد جعل معاوية بن أبي سفيان

صفحه ۱۰۱