سنوات، ولما عاد إلى بلاده كان ذا علم غزير، فانصرف للإقراء والتحديث حتى توفاه الله إليه. (١)
قال المقري عنه: (كان أبو علي عالمًا بالحديث وطرقه، عارفًا بعلله وأسماء رجاله ونقلته، بصيرًا بالمعدلين والمجرحين، وكان حسن الخط جيد الضبط، وكتب بيده علمًا كثيرًا وقيده، وكان حافظًا لمصنفات الحديث قائمًا عليها، ذاكرًا لمتونها وأساليبها ورواتها). (٢)
وممن تتلمذ على أبي علي الصدفي: القاضي أبو بكر بن العربي، وأبو الفضل القاضي عياض.
وفي القرن السادس الهجري يبرز على الساحة العلمية بعض تلاميذ الحافظين أبي علي الجياني، وأبي علي الصدفي؛ وأخص بالذكر منهم: أبا بكر بن العربي المعافري (٤٦٨ - ٥٤٣ هـ)، وهذا له رحلة علمية إلى المشرق، تمكن فيها من الأخذ على طائفة؛ منهم الإمام الغزالي، وأبي بكر الشاشي. (٣)
ومن كبار المحدثين المغاربة في هذا القرن -السادس-: أبو الفضل القاضي عياض اليحصبي، السبتي (٤٧٦ - ٥٤٤ هـ)، كانت رحلته بين الغرب والأندلس، وعني بلقاء العلماء والمحدثين والأخذ عنهم، قال ابن الأبار عنه: «كان لا يدرك شأوه ولا يبلغ مداه في العناية بصناعة الحديث وتقييد الآثار وخدمة العلم، من حسن التفنن فيه، والتصرف الكامل في فهم معانيه، إلى اضطلاعه بالآداب، وتحققه بالنظم والنثر، ومهارته في الفقه، ومشاركته في اللغة العربية، وبالجملة فكان جمال العصر ومفخر الأفق، وينبوع المعرفة، ومعدن الإفادة، وإن عدت رجالات الغرب فضلًا عن الأندلس حسب فيهم صدرًا،
_________
(١) الصلة، لإبن بشكوال: ١/ ١٤٣ ترجمة ٣٣٠ - سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٧٦.
(٢) أزهار الرياض ٣/ ١٥٢.
(٣) تأتي ترجمة أبي بكر بن العربي ضمن شيوخ عبد الحق الإشبيلي.
الدراسة / 31