بلاغ الرسالة القرآنية

Farid al-Ansari d. 1430 AH
99

بلاغ الرسالة القرآنية

بلاغ الرسالة القرآنية

ناشر

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ﴾ [فصلت:٣٠ - ٣٢]. إن الإنسان عندما يتدبر هذه الحقائق القرآنية العظيمة؛ يرى بأم عينيه أن العمر الدنيوي مجرد حلم، وأن مفهوم (الحياة) إنما يتجلى بصورة حقيقية في الآخرة، حتى لكأن ما دون الآخرة ليس بحياة! وتلك آيات القرآن العظيم ناطقة بهذا، قال ﷿: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت:٦٤]؛ فلفظ (الحيوان) صيغة دالة في العربية على الامتلاء، كقولك (فيضان) بدل (فيض)؛ إذا كان قد بلغ السيل الزبى، والتقى الماء على أمر قد قدر، فجرف كل شيء، فيقال حينئذ: (فيضان). فلفظ (حيوان) هو بمعنى الامتلاء حياة، بل هو فيضان الحياة. تلك هي طبيعة الحياة الآخرة تفيض بالحيوية والحياة، وتمتد نعمها التي لا تنفد على عرض الكون، فلا يعرف لها نهاية، خلودًا مؤبدًا، إلى ما شاء الله. ويبقى ما دون ذلك من (حياة) أشبه ما يكون بطعم الصياد، الذي يغري الفريسة، لتقع على المتعة الوهمية؛ فتكون من الهالكين. فهي ﴿مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران:١٨٥] حقًّا، كما قال ﷿ في سياق آخر: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران:١٨٥].

1 / 103