بیر و صله
البر والصلة لابن الجوزي
پژوهشگر
عادل عبد الموجود، علي معوض
ناشر
مؤسسة الكتب الثقافية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
بِنْتُ سِيرِينَ: " بَلَغَ مِنْ بِرِّ الْهُذَيْلِ ابْنِي بِي، أَنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ الْقَصَبَ فِي الصَّيْفِ فَيُوقِدُ لِي فِي الشِّتَاءِ، قَالَ: لِئَلَّا يَكُونَ لَهُ دُخَانٌ، وَكَانَ يَحْلِبُ نَاقَتَهُ بِالْغَدَاةِ، فَيَأْتِينِي بِهِ، فَيَقُولُ: اشْرَبِي يَا أُمَّ الْهُذَيْلِ، فَإِنَّ أَطْيَبَ اللَّبَنِ مَا بَاتَ فِي الضَّرْعِ، قَالَتْ: فَمَاتَ، فَرَزَقَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّبْرِ مَا شَاءَ أَنْ يَرْزُقَ، وَكُنْتُ أَجِدُ مَعَ ذَلِكَ حَرَارَةً فِي صَدْرِي لَا تَكَادُ تَسْكُنُ، قَالَتْ: فَأَتَيْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٦] .
فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتِ أَجِدُ "
- ٩٤ أنبأنا يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبِي، قَالَ: أَنْبَأَ بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَاتِنِيُّ، قثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، قثنا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، قثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ فَلَمْ أَحْفَظَهُ، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: " كَانَتْ حَفْصَةُ تَرْحَمُ عَلَى الْهُذَيْلِ، وَتَقُولُ: كَانَ يَعْمَدُ إِلَى الْقَصَبِ، فَيُقَشِّرُهُ وَيُجُفِّفُهُ فِي الصَّيْفِ، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ، جَاءَ حَتَّى يَقْعُدَ خَلْفِي وَأَنَا أُصَلِّي، فَيُوقِدُ وَقُودًا رَفِيقًا يَنَالُنِي حَرَّهُ وَلَا يُؤْذِنِي دُخَانُهُ، وَكُنْتُ أَلْتَفِتُ مِنَ الصَّلَاةِ، فَأَقُولُ: يَا بُنَيَّ اللَّيْلُ، اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ، فَيَقُولُ: يَا أُمَّاهُ.
فَأَعْلَمُ مَا يُرِيدُ فَأَتْرُكَهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَمْضِي مِنَ اللَّيْلِ، فَأَقُولُ: يَا بُنَيَّ الْحَقْ بِأَهْلِكَ، فَيَقُولُ: دَعِينِي فَأَعْرِفَ مَا أُرِيدُ، فَأَدَعُهُ فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ يَبْعَثُ إِلَيَّ بِحَلْبَةِ الْغَدَاةِ، فَأَقُولُ: يَا بُنَيَّ تَعْلَمُ، إِنِّي لَا أَشْرَبُ نَهَارًا، فَيَقُولُ: إِنَّ أَطْيَبَ اللَّبَنِ مَا بَاتَ فِي الضَّرْعِ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ أُوثِرَ غَيْرَكِ، فَابْعَثِي بِهِ إِلَى مَنْ أَحْبَبْتِ، وَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَقُلْتُ: مَا
1 / 87