وبذلك تنتهي أهم الإشارات التي ترجح أنه تم جمع نصوص مستقلة من تصانيف عدة مؤلفين في مخطوطنا والتي تستبعد وجود مؤلف واحد أو جامع واحد قد وضع كتابه حسب خطته الشاملة. ولكن في اعتقادنا أن الأمر على غير ذلك، ونحن نفترض أن النص الذي بين أيدينا قد كتبه وجمعه مؤلف واحد ولكنه لم ينقحه نهائيا. وهو يعتبر من المصنفات المنتشرة خصوصا في التآليف التأريخية العربية. وهي تتميز بجمع أجزاء الكتاب من مصادر مختلفة بحيث يرتبها الجامع حسب رغبته في بناء كتابه، ويعيد تنسيق صياغتها الأسلوبية. وأحيانا يضيف الجامع إلى ذلك تعليقاته وتقييماته فتكون الإضافات من تأليفه الشخصي (2). فإن ما أمامنا يماثل هذه الكتب التأريخية ولكنه نقل إلينا قبل الانتهاء من ترتيبه وتنقيحه كما أن مضمونه يتجاوز مجال التأريخ.
فالظاهر أن نسخة من هذا التصنيف الذي يبدو لنا في بعض أجزائه كأنه مسودة الكتاب وجدت في زمن غير معلوم في يدي من اعتبرته مهما وممتعا للأجيال المقبلة، فقام بنسخه معتبرا أن النص كله كتاب واحد متواصل. ويدل على ذلك استخدامه خطا متساويا واضحا، وإبراز فصول النص بكتابة عناوينه الجانبية أو بعض تعابيره بالمداد الأحمر. وقد تكون مقدمة النص من تأليفه، ولمحاولة إعطاء القارئ عبرها فكرة عن محتويات الكتاب بأسره ( الفقرة 1 ). وهذه المقدمة القصيرة تنتهي بقوله أنه من " تأليف بعض أصحابنا المتقدمين ". ونفهم من خلال ذلك أن المؤلف كان مجهولا وقتئذ.
--------------------------------------
(1)- نشير إليه في الحواشي.
(2) - راجع مقالة البرشت نوط في أقدم المجموعات العربية لأخبار تأريخ الخلفاء ( 1971، ص168- 199 )، وبحثه النقدي عن الروايات التأريخية الإسلامية القديمة ( 1973، ج1، ص12 الخ ).
صفحه ۹