لم يذكر الشماخي عند نقله بعض أجزاء هذه الرسالة أنها مأخوذة عن كتاب ابن سلام. وعلاوة على ذلك يوجد ما يجعلنا نشك بأن الرسالة من تصنيف ابن سلام وهو ما تختم به الفقرة 20 من الكلمات: "... والله أعلم وأحكم وبه الحول والتوفيق ". ومع ذلك نعتقد أن هذه الكلمات لا تشكل خاتمة الكتاب بل إنها منسوبة إلى الجملة السابقة لها التي قال الكاتب فيها عن أحمد بن الحسين الطرابلسي: "... وشيعته وأصحابه يتناولون في مسائلهم القياس ". عبر ابن سلام بالكلمات المذكورة أعلاه عن امتناعه عن الخوض في مناقشة آراء ابن الحسين التي جرى التنازع عليها بين علماء الإباضية وخصوصا فيما يتعلق بمسألة تطبيق القياس في المسائل الكلامية والفقهية.
لنعد في هذا المضمون إلى الخطة العامة (11) التي تتبلور لنا من خلال جميع فقرات الكتاب، وأيضا إلى الأوصاف الشكلية التي تدل دليلا قاطعا على وحدة النص من الفقرة 2 إلى الفقرة 20 (12) وعلى أساس ذلك نعتقد أن رسالة أبي عيسى ضمها ابن سلام نفسه إلى كتابه. فمعظم ما يشتمل عليه النص من معلومات تأريخية يشير إلى أن ابن سلام أراد أن يذكر تأريخ إباضية المغرب من بدايته حتى أيام الأئمة الرستميين الأولين، ولا يفتقر النص إلى ذكرهم (13) كما ذكر ابن سلام بعض معاصريه ذكرا مطولا (14). وأن رسالة أبي عيسى الخراساني لها مكانها ضمن مثل هذا المشروع في التأليف.
أثبتنا بما تقدم من بحث في بناء النص ووصف الفقرات أن المخطوط الذي اكتشفه الشيخ سالم بن يعقوب الجربي يحتوي على كتاب تأريخي بقيت أجزاؤه التأريخية بالذات في حالة مسودة غير مكتملة. ويمكننا أن نتصور أن ابن سلام كان قد كتب نصا غير منقح فقد منه الجزء الأخير. وكان قد وردت فيه أخبار عن إباضية المغرب تصل إلى أواسط القرن الثالث الهجري ( التاسع م ). لكن الأرجح حسب اعتقادنا أن المؤلف لم يتجاوز ما لدينا في المخطوط ولم يكمل مشروعه.
صفحه ۳۳