وأضيفت إلى الحديث الثالث جملة دون ارتباط واضح بما سبقها: " ذكروا أن المسلمين يوم حنين كان عددهم اثني عشر ألفا والله أعلم ". فقد تقدم ذكر هزيمة حنين (7) في الحديث الثاني في فضائل البربر وجاء فيه أن النبي عزى عمر بن الخطاب عما أصاب المسلمين بأن الله سوف يرفع من شأن الإسلام من جديد بشعب المغرب. وهذا يجعلنا نفهم لماذا نجد الأحاديث المذكورة في هذا الموضع بعينه: بعد ذكر هزيمة تاورغا ومقتل أربعة عشر ألفا من المسلمين (8) وكانت أغلبيتهم من البربر، فقد قصد المؤلف زيادة قومه ثقة بالله وبوعده أن إحياء الإسلام سيكون على يد البربر. فمعركة حنين التي انهزم فيها النبي لم تزعزع ثقته بالله. وربما أراد ابن سلام أن يقول: فلماذا تزعزع ثقة القوم وقد اختارهم الله لإحياء دينه؟
بعد عنوان جانبي تأتي أسماء الذين قتلوا مع أبي الخطاب بتاورغا وتذكر أخبار شفوية عن أحدهم. ثم نجد جملة تمهد لذكر كفاح إباضية طرابلس ضد " عمال " محمد بن الأشعث، ولكن الكاتب أضاف بعد هذه الجملة عدة إضافات في ولاية أبي الخطاب قبل أن يبدأ بالفعل بالأخبار عن مقاتلة العمال.
ويواصل ابن سلام الحديث حسب التسلسل الزمني بأخبار الإمام الإباضي أبي حاتم حتى استيلائه على مدينة القيروان. ولا شك أن هذه الأخبار على وتيرة واحدة لأنه أخذ جميعها على مخبر واحد وهو سليمان بن زرقون (9). وبدون سبب واضح أو تطابق مع ما تقدم، ذكر ابن سلام هنا متى وأين تم التقاؤه بخلف بن السمح المعافري. ويبدو أن ذلك مجرد ملاحظة وضعها الكاتب لكي لا ينساها عند إعطاء كتابه الشكل النهائي، وربما كتبها على هامش المتن قبل أن ينقلها الناسخ إليه . على أي حال فمن الممكن أن ابن سلام قد أخذ عن خلف بعض المعلومات الخاصة بجد خلف الإمام أبي الخطاب المعافري.
صفحه ۳۱