بین دین و فلسفه: در نظر ابن رشد و فلاسفه قرون وسطی
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
ژانرها
وربما دل لصدق هذا الذي يراه ابن رشد، أن تمثيل نعيم الجنة للجمهور بأنه نعيم محسوس مادي: من أنهار مملوءة لبنا وعسلا، وفاكهة مختلفة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وحور وولدان ... أدفع لهم إلى طريق الفضيلة من تشكيكهم في هذا النعيم على هذه الكيفية الحسية، ومحاولة تفهيمهم أن ما جاء في النصوص دال على مادية الثواب إنما هو رموز وأمثال، وأن المعاد الأخروي لن يكون إلا معنويا، فإن النفوس لا يمكن أن تنعم باللذات المادية.
من السهل بعد هذا أن تفهم إذن أن فيلسوفنا لا يرى أن في النصوص الدينية من القرآن والحديث نصوصا متشابهات، لا بالنسبة للعلماء الراسخين الذين عليهم تأويل هذه النصوص التي يظن أنها متشابهة، ولا بالنسبة للعامة وأمثالهم الذين فرضهم الإيمان بظواهرها دون البحث أو التفكير في تأويلها.
لكن أهل الجدل والمتكلمين هم الذين يوجد في حقهم التشابه في بعض النصوص؛ لأنهم وقد ارتفعوا عن العامة ولم يصلوا إلى مرتبة الخاصة، عرضت لهم شكوك وشبهات لم يقدروا على حلها، فحاولوا التأويل فضلوا وأضلوا؛ ولهذا ذمهم الله الحكيم بأن في قلوبهم زيغا ومرضا، فيتبعون ما تشابه من القرآن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله الذي لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم.
31
وقد بلغ من اعتقاد فيلسوف قرطبة بقوة تأثير ما يذهب إليه، من جعل تعليم للعامة وآخر للخاصة، في التوفيق بين الوحي والعقل، أنه يتشدد في ذلك إلى درجة أن يرى أن هناك نصوصا يجب على أهل البرهان تأويلها، وحملهم لها على ظواهرها كفر، كما يجب على العامة وأمثالها حملها على ظواهرها، وتأويلهم لها كفر.
ومن هذه النصوص، قوله تعالى (سورة طه 20 / 4):
الرحمن على العرش استوى ، ونحو هذا من الآيات والأحاديث التي توهم الجسمية والنقلة لله تعالى، بل إنه كما سبقت الإشارة إليه، يصوغ من هذا مبدأ عاما فيقول بعد ما تقدم: «إن من كان من الناس فرضه الإيمان بالظاهر، فالتأويل في حقه كفر.»
32
لأنه يؤدي إليه.
33
صفحه نامشخص