بین دین و فلسفه: در نظر ابن رشد و فلاسفه قرون وسطی
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
ژانرها
وسنتناول كلا من هذه المسائل بإيجاز؛ لنعرف الخطة التي اصطنعها ليصل إلى ما أراد من التوفيق بين الشريعة والفلسفة، ومرجعنا في هذا كله هو كتاب الحدائق السابق ذكره.
الله ووجود العالم عنه
في هذه المسألة نجد عند البطليوسي نظرية فيض الموجودات عن الله، باعتباره العلة الأولى أو السبب الأول لها، على أنه علة مباشرة لأول موجود وغير مباشرة لما بعده، كما نجد عنده نظرية العقول العشرة، وهذا وذاك على النحو الذي نعرفه عن الفارابي وابن سينا.
ويمثل ذلك لنا بوجود الأعداد جميعها عن الواحد، فكل عدد معلول لسابقه لا يوجد إلا بتوسطه، وإن كان الواحد علة لها جميعا؛ إذ كان لا يصح وجود الأبعد إلا بوجود الأقرب، وهذا معنى ما يقال «إن الواحد علة العلل وسبب الأسباب.»
72
والبطليوسي يمضي في هذا التمثيل، تمثيل وجود العالم عن الله بوجود الأعداد إلى ما لا نهاية عن الواحد، لينتهي من هذا إلى حل هذه المشكلات: قدم العالم أو حدوثه، وجوده عن مادة أولى قديمة أو من العدم كما يقول الدين، وكيف تصدر الكثرة عن الواحد بغير تكثر في ذاته.
ولذلك يقول: «وكما أن الأعداد كلها اقتبست الوجود من الواحد من غير حركة ولا زمان ولا مكان، ولم يحتج الواحد في إيجادها إلى شيء آخر غير ذاته، فكذلك حدوث الموجودات عن الباري تعالى بغير حركة، وبغير زمان، وبغير مكان، ومن غير أن يحتاج في إيجادها إلى شيء غيره.
وكما أن الواحد لا يوصف بأنه تقدم الأعداد بالزمان، ولا يبطل ذلك أن تكون الأعداد محدثة عنه، فكذلك الباري لا يوصف بأنه تقدم العالم بالزمان، ولا يبطل أن يكون العالم محدثا عنه.
وكما أن الواحد لا يتغير عن الوحدانية بكثرة ما حدث من الأعداد عنه، ولم يوجب ذلك تكثرا في ذاته ولا استحالة في جوهره، فكذلك حدوث العالم وكثرته لا يوجب تغير الباري في وحدانيته، ولا تكثرا في ذاته.» إلى آخر ما قال.
73
صفحه نامشخص