قهرمان فاتح، ابراهیم و فتح شام ۱۸۳۲
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
ژانرها
أما إبراهيم فإنه عندما زحف بجيشه من قونيه إلى كوتاهيه كتب إلى والده الكتاب الآتي:
اليوم (20 يناير 1883) بدأ الجيش ووحداته بالزحف من قونيه، تتقدمه شراذم صغيرة لشدة البرد ولقلة عدد الجمال للنقل. والذي يستخلص من البرد الواردة من إستامبول أنه لا توجد في طريقنا أية قوة تقاومنا. حتى إستامبول ذاتها ليس فيها حركة الاستعداد للمقاومة، وهذا يدل الدلالة الكافية على أنهم قد وضعوا الآن جميع آمالهم بالصلح. ولأجل هذا الصلح أرسلوا إليك خليل رفعت باشا، ولكني أرى - جهد ما يصل إليه علمي الضعيف - أنه ما دام السلطان محمود المشئوم على العرش لا يمكن أن يكون هناك صلح صحيح ولا نهاية للأزمة؛ لأنه سيكون عرضة للظروف؛ ينتهزها للانتقام ويعمل لها كما كان في الماضي وللجور على هذه الأمة الإسلامية التعسة وظلمها. فبحق حبنا لهذه الأمة، وبحق غيرتنا الدينية، أرى من الواجب المحتم علينا؛ لا العمل لمصلحتنا فقط، ولكن العمل فوق كل شيء وقبل كل شيء لمصلحة هذه الأمة كلها. ومن أجل ذلك يجب علينا أن نرجع إلى القرار الأول؛ أي خلع هذا السلطان المشئوم ووضع ابنه ولي العهد على العرش، حتى يكون ذلك بمثابة محرك يحرك هذه الأمة من سباتها العميق.
فإذا اعترضت علي بأن أوروبا تعترضنا، قلت لك إننا لا ندع لها الوقت للتدخل، وبذلك نتقي الخطر من ذلك الجانب؛ لأن مشروعنا ينفذ قبل أن يعرف، وبذلك نضع أوروبا أمام الأمر الواقع. وإذا كانت أوروبا تغتنم الفرصة لإشباع مطامعها من هذه الدولة، فأية تبعة تقع علينا؟ وهل باستطاعتنا أن نمنعها عن تحقيق خطة تسعى لتحقيقها منذ 84 سنة؟
إلا أنا نسأل الله العون والمدد. ومهما يكن من الأمر، فإن الأفضل أن يقع اليوم ما لا بد عن وقوعه في يوم من الأيام. ومع الاستعانة بالله لتحقيق ذلك عزمت على التقدم إلى بورصة ومودانيا، فلا وقت إذن عندي لتلقي شيء منك أو من إستامبول يحرم على التقدم. أما أنا فإذا بقيت هنا فإني لا أجد أقل وسيلة لتموين الجيش لفقر البلاد، فلم يبق لي إلا الذهاب إلى بورصة، ومن هناك أرسل إليك رسولا بما نكون قد قررناه تبعا للظروف.
وقبل أن يصل إلى بورصة تلقى الأمر من والده بأن يقف، وكان هذا الأمر بعد وصول الجنرال مورافيف إلى الإسكندرية.
وصل هذا الجنرال إلى الإسكندرية في 13 فبراير، وقابل محمد علي، فلم يقدم له إنذارا كما كانوا يقولون، بل أعرب له عن رغبة القيصر في أن يتفق مع السلطان، ولا بأس من أن تكون فرنسا الوسيطة. فأجابه محمد علي باشا بأن هذا الذي يطلبه منه قد عرضه على السلطان من شهر نوفمبر، ولكي يثبت للجنرال مورافيف حسن قصده وقع أمامه الأمر الذي أصدره إلى ابنه إبراهيم بالوقوف عن الزحف من قونيه. وقبل أن يغادر الجنرال مورافيف الإسكندرية وصل خليل رفعت باشا مندوب الباب العالي، وكانوا يظنون أنه يحمل شروط الاتفاق، ولكنه ظهر أنه يحمل إلى محمد علي عفو السلطان عنه وولاية عكا وملحقاتها. ولكن محمد علي كان على صداقة وولاء مع خليل رفعت باشا، فاتفق معه على شروط الاتفاق: وهي أن يعطى محمد علي ولاية سوريا وأدنه، وأن تبرم بينه وبين خسرو باشا محالفة تعاون تضع حدا لنزاعهما، وأن يكون الاثنان بمثابة قيمين على أملاك الدولة؛ أحدهما في مصر والآخر في إستامبول.
أما إبراهيم، فقد أرسلوا إليه من الآستانة ثلاثة رسل؛ الأول: رسول الباب العالي ليبلغه أنهم أرسلوا إلى والده رسولا للاتفاق، والثاني: رسول الجنرال مورافيف، والثالث: رسول سفير فرنسا. وقد روى بودوليا رسول سفير فرنسا أنه وجد إبراهيم يعيش في معسكره عيشة بسيطة، وليس معه حريم ولا له حرم، فهو في هذه العيشة يشبه نابليون. وقد كان يقول إنه يود أن يذهب إلى إستامبول ليشرب القهوة مع السلطان ، ولا يهمه أمر الروس. ولما طلب منه الجواب على إيقاف الزحف كتب في 17 يناير إلى المسيو دي فارن سفير فرنسا:
أنا لست سوى قائد عام موكول إليه القيام بأعمال عسكرية، أما ما عدا ذلك فإني أرجع فيه إلى السلطة التي أنا تابع لها، فأنا من أجل ذلك سأتابع زحفي، ولكني أرجع في الأمر إلى والدي في الإسكندرية.
وكان إبراهيم يعتقد أن الاتفاق بين خليل رفعت باشا وبين والده محمد علي أمر ممكن، ولكنه كان متمسكا برأيه ولا يخشى الروس ولا يعبأ بقتالهم، وكان يعتقد - فوق ما تقدم - بأن الصلح الذي يبرم مع السلطان محمود هو صلح غير دائم، بل يكون بمثابة هدنة حتى يتمكن السلطان من العودة إلى القتال؛ لذلك كتب إلى والده في 3 فبراير يقول:
أرى أن يكون الاستقلال مقدما على كل شيء في المناقشات التي تدور بينك وبين الرسولين - مورافيف وخليل باشا - فمسألة الاستقلال مسألة حيوية تقدم على كل شيء. وبعد الاعتراف بالاستقلال يجب أن نطلب أضاليا وأدنه وجزيرة قبرص، وأن يضم إلى مصر - إن كان ذلك في الإمكان - تونس وطرابلس. ذلك أقل ما يجب أن نطلبه، ولا نتساءل عن أي شيء كان مهما كان الأمر؛ لأن مصلحتنا تقضي به. أما إصرارنا على الاستقلال، فلكي نوطد مركزنا ونحوطه بالضمانات، فإذا لم ننل الاستقلال ذهبت جميع مجهوداتنا ضياعا ومكثنا تحت يد هذه الحكومة الخبيثة التي توقرنا بمطالبها الدائمة وبطلب المال. فمن الآن يجب أن نتخلص من الأعباء المبهظة ولا نجد خلاصا إلا بالاستقلال.
صفحه نامشخص