قهرمان فاتح، ابراهیم و فتح شام ۱۸۳۲
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
ژانرها
ظل محمد علي ينتظر رد الباب العالي على كتابه الذي كلف قبطان باشا بإيصاله، فوصل هذا الرد في 24 سبتمبر بإمضاء خسرو باشا إلى قبطان باشا عدو محمد علي؛ لأنه أسقطه من ولاية مصر. ولم يحمل هذا الرد أحد ضباط الأسطول التركي، بل باخرة مالطية. وهذا الرد من خسرو باشا إلى قبطان باشا يفهم منه أن الباب العالي يرضى ضم الشام إلى ولاية مصر على الشروط التي عرضها محمد علي، ولكنه يود أن يعرف الضمانات التي يقدمها محمد علي على حسن نيته وعلى تنفيذ عهوده. فرد محمد علي أن وعده أكبر ضمانة وأن كلمته كافية، وكرر قوله إنه يود وضع حد للقتال وسفك الدماء، وإنه ليأسف كل الأسف أن يكرهه الباب العالي على أن يذهب إلى ما وراء الحد الذي وضعه نصب عينيه.
وفي أثناء وقوف القتال الذي كان شبه «هدنة»، كانت الصحف التركية التي تنشر بلغات أوروبية تذيع أسوأ الأنباء عن جيش إبراهيم وعن حكومة مصر، فكانت أقوال هذه الصحف تترجم لمحمد علي فيرد عليها بالتركية، ولكنه رأى ذلك غير كاف، فأتى ببعض المحررين الفرنساويين من باريس وأنشأ لهم جريدة بالفرنساوية للقيام بهذه المهمة.
وبعد وصول كتاب خسرو باشا استدعى محمد علي قنصل فرنسا وقال له: «نحن لم نتجاوز أدنه عملا بنصيحتكم، ونحن نبقى فيها إلى أن نعرف رد الباب العالي، إلا إذا حكمت علينا الظروف، وللظروف أحيانا أحكام لا ترد، فنحن نريد السلام، فإذا أرادوا الحرب فإني أنهيها كما عرفت أن أبتديها.»
أما إستامبول، فإنها كانت تماطل وتسوف حتى يحل فصل الشتاء وتستطيع تأليف جيش كبير جديد. ولكن إبراهيم كان ينتفض لفروغ صبره، فأرسل إلى والده يقول له: «إنه ليس هناك لقطع الأخشاب ورءوف باشا يجمع الآن بقايا الجيش التركي في قونيه!» فاستأذنه بأن يزحف على قونيه ببعض الآلايات ليفرق بقية ذلك الجيش ، وحدث محمد علي القناصل بذلك وقال لهم: «أما الآن فإنه لا يفعل أكثر من ذلك، وهذا الجيش يعود بعد قضاء مهمته إلى أدنه، فإذا لم تقبل الوساطة، وإذا ظل الباب العالي على المطل والتسويف، فإنه لا توجد قوة تمنع ابني المتقد حمية من الوصول إلى أشقودرة، فإذا لم يستطع الوقوف هناك لقلة المؤن في بلاد خربها الظلم والجور، فلا أستطيع أنا أن أقول ماذا تكون النتيجة.»
ولكي نعرف الروح التي كانت سائدة في الآستانة في ذلك الحين وتحول ولاة الأمور عن رؤية الحقائق، نورد خبرا أرسله البارون دي فارين سفير فرنسا إلى حكومته في 9 أكتوبر، قال:
جاءني اليوم الأرمني كاساس أرتين مدير دار الضرب، وهي الدار التي توزع الأرباح الكبيرة على الباب العالي وعلى السراي، وهو رجل مقرب وذو يد في شئون الدولة، وله نفوذ كبير.
فقال لي إن السلطان قال له منذ بضعة أيام إن إبراهيم باشا يريد إبرام الصلح معه، ولكنه يشترط لإبرام الصلح قطع أربعة رءوس: رأس السر عسكر خسرو باشا، ورأس مصطفى باشا، ورأس المفتي الذي أصدر الفتوى ضد والده، ورأس كاساس أرتين لأنه منع تداول النقود التي ضربت في مصر. وهو لا يعجب من ذلك لشدة إخلاصه للسلطان، ولكنه عندما سمع هذا الكلام من السلطان ذاته طار النوم من عيونه وأرسل إلى المسيو إليون صديقه وسبب نعمته يوسطه لدي لأحول نقمة محمد علي عنه. وإنه لا يهمه المال، فإذا أنا شئت إرسال رسول إلى محمد علي، فإنه يحمله إليه الهدايا. فأظهرت له استغرابي من ذلك ولم أصدقه، فعاد إليه روعه وشكرني.
وهذه صورة مما يجري هنا من ضروب الاختراع وطرق الجواسيس وإفساد الجو بين محمد علي والسلطان.
ولما كان الباب العالي يريد الاستناد إلى إحدى الدول لمقاومة محمد علي - وهو يخشى روسيا ويخشى إن هو حالفها أن يلقي بنفسه في فم الأسد - عرض السلطان وعرض ريس أفندي - الصدر الأعظم - على سترافورد كاننج سفير إنكلترا في 12 أغسطس وهو مسافر إلى لندن، إبرام محالفة دفاعية بين إنكلترا والباب العالي، وغرض الباب العالي من هذه المحالفة المساعدة الأدبية والمادية ضد محمد علي. ووصل ماوروياني سفير تركيا في فينا إلى لندن في 3 نوفمبر، فجدد هذا العرض وزاد عليه أن الباب العالي يتحمل جميع النفقات ويخول إنكلترا جميع الامتيازات التجارية التي تريدها، فأجابت إنكلترا أنها لا تستطيع الرد العاجل على هذه الاقتراحات. وفي 13 ديسمبر وصل إلى لندن نامق بك السكرتير الخاص لجلالة السلطان وهو يحمل مقترحات جلالته، فردت إنكلترا أنها لا تستطيع الاندفاع في عمل عسكري، وأنها تفضل الانتظار. •••
بعد انتظار ثلاثة أشهر بلا عمل ولا حركة في ميدان القتال وبدون نتيجة من الوجهة السياسية، صمم محمد علي على ترك ولده إبراهيم يزحف على قونيه؛ لاعتقاده بأن فتح قونيه يفضي إلى الثورة على السلطان؛ لذلك أصدر أمره إلى إبراهيم بأن يعود من قونيه بعد دخولها، ولكن إبراهيم لم يكن في ذلك على رأي والده؛ فوالده كان يقول بترك الرأي العام يفعل فعله في الآستانة، وأما هو فكان يقول بقيادة الرأي العام إلى ما يريد.
صفحه نامشخص