قهرمان فاتح، ابراهیم و فتح شام ۱۸۳۲
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
ژانرها
أما السر عسكر حسين باشا الذي كان موضع ثقة مولاه السلطان، فأغدق عليه إنعاماته، وجعله قائدا عاما لجيشه ولقبه بالمشير الأكرم، وولاه مصر وكريد وبلاد الحبشة؛ فقد كان عند نشوب معركة بيلان واثقا بالنصر جالسا جلسة الملوك في خيمته يتلقى مظاهر الإجلال والإكرام، ولكنه لم تمض ساعتان على نشوب القتال حتى بات طريدا شريدا بين المضايق والآكام، فلم يقفوا له على أثر، ولا سمع عنه أي خبر، ولكنه شاع عنه الكثير مما لم يثبت منه شيء، فقال فريق إنه استأجر مركبا يونانيا ففر بأمواله وأموال الجيش إلى إحدى الجزر، وقيل إنه لجأ إلى قرية صغيرة في بورصة، وقال آخرون إن رجاله فتكوا به وأخفوا أثره.
والظاهر أن الباب العالي صدق الرواية الأولى، فكلف إحدى السفن الإنكليزية أن تبحث عنه في الجزر وتستعيد منه الأموال، ولكنه ظهر في النهاية أن الرجل أصيب بالرمد الصديدي وفقد نظره في إحدى مزارع ولاية بورصة.
كانت عين محمد علي متجهة إلى إنكلترا وحدها؛ لمعرفته أن فرنسا تؤيده في أن يكون والي سوريا، وأن الروسية تظهر العداوة له حتى اقترحت إرسال جيش روسي لقتاله، وأن النمسا تخدم سياسة الباب العالي.
أما إنكلترا، فإنها لزمت الصمت التام؛ لأن سياستين قويتين كانتا تشدان أطراف الخطة التي يجب عليها اتباعها؛ فالخطة الأولى هي أن تدع محمد علي يؤسس الدولة العربية الفتية القوية؛ لتكون حاجزا في وجه التيار السلافي الذي قضى على الدول، بأن تصون تركيا من الضياع لصد ذلك التيار، ولكن تركيا ظهرت يومئذ بمظهر الشيخوخة والعجز.
والخطة الثانية هي الاحتفاظ بتركيا وتقويتها؛ لتظل ذلك الحاجز، وهدم الإمبراطورية المصرية النابتة؛ لأنها إذا عاشت تمتلك آسيا وأفريقيا، وبذلك تقوم حاجزا قويا على طريق الهند الذي كانت قد زحزحت عنه نابليون في سنة 1798، وجاء محمد علي النابغة الأمي - كما يسمونه - ليتم خطة نابليون.
تانك هما الخطتان اللتان كانتا تقضيان على إنكلترا بالسكوت إلى أن تعرف الجهة التي تتجه إليها.
بينما كان محمد علي يريد تنظيم عمله على اتجاه السياسة الأوروبية - وقد كانت هذه السياسة غامضة من جانب إنكلترا للسبب الذي بسطناه - كان إبراهيم يرى السياسة بالحزم وأخذ الأمور بالقوة، والقوة في يده، وإيقاف الدول أمام الأمر الواقع؛ لذلك كان يستأذن والده بالزحف على قونيه، بل على الآستانة، ويستأذنه في أن يحمل خطباء المساجد على إلقاء الخطبة باسمه، فكتب محمد علي إلى إبنه إبراهيم في 8 سبتمبر ما يلي:
تقول لي في كتابك إنك تريد أن «تمسك المعدن وهو حام»، وإنك تريد أن يخطب باسمي في جميع المساجد والمعابد.
فاعلم يا ولدي أنا لم نصل إلى مركزنا الذي نشغله الآن إلا بقوة الوداعة وخفض الجانب، فإنه يكفيني أن أحمل اسم «محمد علي» خالصا من كل رتبة وزينة، فهو أكبر لي من جميع ألقاب السلطنة والملك؛ لأن هذا الاسم وحده هو الذي خولني الشرف الذي يجللني الآن، فكيف أستطيع يا ولدي أن أتركه إلى سواه؟! لا يا ولدي، إني أحفظ اسمي «محمد علي»، وأنت يا ابني تحفظ اسمك «إبراهيم»، وكفى، وعليك رحمة الله وبركاته.
ولما عرفت فرنسا بخطة إبراهيم أبلغت المسيو ميمو قنصلها لدى محمد علي بأن يبلغه: أن الحملة الجديدة بعد نجاح الأولى نجاحا باهرا تفضي إلى توزيع نطاق العمل الذي اختطته مصر لنفسها عند تجريد حملة سوريا، وتكون نتيجة ذلك جعل مصير تركيا في كفة الأقدار، وهذا ما لا يخلو من الخطر عليك.
صفحه نامشخص