قهرمان فاتح، ابراهیم و فتح شام ۱۸۳۲
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
ژانرها
قامت مسألة السودان وجرى البحث في حقوق مصر فيه، وكبرت دعاوى الإنكليز بشأنه، وأخذ الكتاب في المناقشة والمباحثة، وتناولوا الأمر فيما بينهم جذبا ودفعا وخفضا ورفعا. وبينا هم في أمر من شأنه مريج طلع داود على الأمة بكتابه الفذ القيم «السودان المصري والإنكليزي»، فقطع قول كل خطيب وأنار السبيل وعبد الطريق وأوضح المسالك وبين ما لمصر في السودان من الحقوق الثابتة التي أيدتها الدماء المهراقة في صحاريه والأموال السائلة في بواديه. وقد عرف كل مصري أن السودان له دون غيره من سائر خلق الله، وذلك بفضل داود وبعقل داود وبقلم داود. فماذا صنعت الأمة لداود وبماذا كافأته؟!
تحدث الناس في شأن الحركة العرابية، وكتب الكتاب فيها، وذهبوا في أسبابها ونتائجها مذاهب شتى، وتناولها الباحثون بمختلف الفكر والآراء، فطلع عليهم داود بمقالاته المحققة ورسائله الممحصة، فجلا بهما غواشي الظلم المتراكبة، وأظهر الأسرار وبين المعالم وأعطى من كل ناحية نواحيها حقها من البيان والإيضاح، وحقق الأسباب وصحح المقدمات وخرج بالنتيجة التي لا ترد وبالغاية التي لا تدفع، فماذا صنعت الأمة لداود وبماذا كافأته ؟!
درجت الأمة ومضت السنون والناس لا يعرفون من أمر إبراهيم باشا شيئا، وقد أنكروه، حتى إنهم كانوا يسمون تمثاله بالحصان ويعتدون القرب منه سبة عار. ولكن داود لا يحب أن تجهل هذه الأمة تاريخها إلى هذا الحد، ولا يستريح إلى أن تستهين بأبطالها إلى هذا المقدار، فاستثار كوامن نفسه، ونبه المختزن من حافظته، وأرسل نظره في بطون الدفائن من الأوراق والمستندات والدفاتر، ثم أرسل قلمه البليغ يتوغل في شعاب البحث والدرس والاستقراء، فجلا للأمة - بل للأمم كافة - حقيقة البطل المصري العظيم إبراهيم باشا، وعرض عليهم مواقفه الهائلة في الذياد عن كيان الأمة، ومشاهده العظيمة في العمل على توسيع رقعتها وامتداد سلطانها. كما قرأ على الناس صفحة خالدة من أنصع صفحات الجيش المصري المجيد، فنبه الأمة إلى تمجيد هذا البطل الكريم وإلى الاعتزاز به والافتخار بأعماله. كما أيقظ الحكومة من سباتها، فقامت تحتفل بذكراه عن إحدى وقائعه الكبرى وفتوحاته الجليلة، وكان يوم 27 مايو من مفاخر الأيام في هذه الأمة. فماذا صنعت الأمة لداود وبماذا كافأته؟! وماذا صنعت له الحكومة وبماذا كافأته؟!
أرى أنه يجب على الأمة إزاء هذه الأعمال العظيمة التي قام بها داود بركات، وهذه الخدمات الكبرى التي قدمها إليها حسبة لوجه الله، وقياما بحقوق هذا الوطن العزيز، أن تظهر له شعورها الفياض فتقيم له حفلة تكريم، وتقدم له فيها تذكارا ثمينا يتفق مع عزتها وكرامتها؛ لتثبت أنها أمة حية صالحة للبقاء، وأنها تقدر العاملين وتعرف أقدار المخلصين.
وأما الحكومة، فمن واجبها أولا: أن تمنح هذا الكاتب العظيم لقبا من ألقاب الشرف التي يحملها السني والدني. ثانيا: أن تقوم الجامعة بمنحه لقب الدكتوراه الفخري؛ فهو من أحق الناس بحمله وأجدرهم بالتلقب به. أليس قد قدم للأمة سفرا ضخما عن إبراهيم باشا وفتوحاته تندق الأعناق وتتحطم الأصلاب دون كتابة مثله؟ ثالثا: تدفع إليه الحكومة مقدارا مرضيا من المال مكافأة له عما عانى في هذا البحث وما بذل في سبيله من النفس والنفيس. رابعا: تأمر بطبع هذا التاريخ ونشره بين الناس وتقريره في مدارسها الكبرى وفي مكاتب المدارس على الإطلاق على نفقتها بطريق التراضي معه على ذلك.
هذه كلمة صراحة وإخلاص أنشرها خدمة لسمعة أمتي وقياما بحق هذا الكاتب الجليل الذي طوق أعناقنا جميعا بمننه التي لا تنسى، فهل من سميع؟!
حسن السندوبي
بعض مراجع الكتاب
الوقائع المصرية.
مذكرات كلوت بك.
صفحه نامشخص