حفظه عَنى من اجتهاداتي الْجَارِيَة على نمط الدَّلِيل الَّتِى يُخَالف مَا عَلَيْهِ غَالب من لَا تَمْيِيز لَهُ وَكَانَ لَدَيْهِ كتاب لي عَارِية أَحْسَنت إليه بعاريته فَرَأى فِيهِ بخطي في مَسْأَلَة الْفرْقَة النَّاجِية كلَاما مضمونه أَنهم لَيْسُوا بعض هَذِه الْمذَاهب الإسلامية على التَّعْيِين بل هم من تمسك بالشريعة المطهرة واهتدى بهدي الْمُصْطَفى ﵌ على أى مَذْهَب كَانَ وفي أيّ عصر وجد وَدفعت قَول من قَالَ انهم فرقته كَمَا وَقع لكثير من المتعصبين فَأَقَامَ هَذَا الْقِيَامَة وَمَا زَالَ يعرضه على كل من لَهُ اشْتِغَال بِالْعلمِ فَلم يُوَافقهُ أحد على ذَلِك فَعَاد يعرضه على الْمُقَصِّرِينَ والعوام ويوهمهم بأوهام لَا حَقِيقَة لَهَا فَكَادَتْ تثور فتْنَة وقى الله شَرها ثمَّ طلبت مِنْهُ إرجاع كتابي فَمَا ساعد كل هَذَا وَله من الْفَهم والعرفان نصيب تَامّ وَهُوَ لَا يخفى عَلَيْهِ خطأ نَفسه وَبطلَان مَا زَعمه وَلم يرع حق التَّعْلِيم وَبعد ذَلِك ترك الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَلم يبْق عَلَيْهِ من رونقه شئ ورام أَن يعود للْقِرَاءَة عليّ فَمَا ساعدته وأرجع الْكتاب الْمشَار إليه بعد سِنِين ومدحني بِأَبْيَات وَأظْهر النَّدَم على مَا سلف مِنْهُ عفى الله عَنهُ وَمن جملَة مَا كتبه إِلَى هَذِه القصيدة وفيهَا إِشَارَة إِلَى مَا قَدمته
(ياقاضيا لفظ مَاض إِذْ تنَاوله ... زهى بِهِ كل مَنْقُوص من الْكَلم)
(وَلم يزل كلِّ مَمْدُود يمد إلى ... مَا نَالَ عَيْنَيْهِ من فَخر وَمن كرم)
(وكل مَا نَالَ مَقْصُور عَلَيْهِ فيا ... ذَا الْمَدّ اقصر وَلَا تطمع وَلَا تحم)
(فالاسم مرجع مَا يحويه من شرف ... إلى مُسَمَّاهُ من نعت وَمن علم)
(قَاض بهجته الْأَيَّام مشرقة ... كَالشَّمْسِ لَكِن نور الشَّمْس لم يدم)
(فَالْحَمْد لله دُنْيَانَا بهجته ... إشراقها غير مسلوخ عَن الظُّلم)
1 / 83