وَقد ترْجم لَهُ الصفدي وسرد أَسمَاء تصانيفه في ثَلَاثَة أوراق كبار وَمن أنفعها كِتَابه فِي ابطال الْحِيَل فانه نَفِيس جدا وَكتاب الْمِنْهَاج فى الرَّد على الروافض فِي غَايَة الْحسن لَوْلَا أَنه بَالغ فِي الدفع حَتَّى وَقعت لَهُ عِبَارَات وألفاظ فِيهَا بعض التحامل وَقد نسبه بَعضهم إلى طلب الْملك لِأَنَّهُ كَانَ يلهج بِذكر ابْن تومرت ونظرائه فَكَانَ ذَلِك مولدًا لطول سجنه وَله وقائع مَشْهُورَة وَكَانَ إِذا حوقق وألزم يَقُول لم أرد هَذَا وَإِنَّمَا أردْت كَذَا فيذكر احْتِمَالا بَعيدا وَلَعَلَّ ذَلِك وَالله أعلم أَنه يُصَرح بِالْحَقِّ فتأباه الأذهان وتنبوا عَنهُ الطبائع لقُصُور الأفهام فيحوله إِلَى احْتِمَال آخر دفعًا للفتنة وَهَكَذَا ينبغي للْعَالم الْكَامِل أَن يفعل يَقُول الْحق كَمَا يجب عَلَيْهِ ثمَّ يدْفع الْمفْسدَة بِمَا يُمكنهُ وَحكى عَنهُ أَنه لما وصل إِلَيْهِ السُّؤَال الَّذِي وَضعه السكاكيني على لِسَان يهودي وَهُوَ
(أيا عُلَمَاء الدَّين ذميُّ دينكُمْ ... تحيّر دلّوه بأعظم حجَّة)
(إِذا مَا قضى ربي بكفري بزعمكم ... وَلم يرضه مني فَمَا وَجه حيلتي)
إلى آخرهَا فَوقف ابْن تَيْمِية على هَذِه الأبيات فَثنى إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى وَأجَاب في مَجْلِسه قبل ان يقوم بِمِائَة وَتِسْعَة عشر بَيْتا أَولهَا
(سؤالك ياهذا سُؤال معاند ... مخاصم ربّ الْعَرْش ربّ الْبَريَّة)
وَقَالَ ابْن سيّد النَّاس اليعمري في تَرْجَمَة ابْن تَيْمِية إنه برز في كل فن على أَبنَاء جنسه وَلم تَرَ عين من رَآهُ مثله وَلَا رَأَتْ عينه مثل نَفسه وَقَالَ الذَّهَبِيّ مترجمًا لَهُ فِي بعض الإجازات قَرَأَ الْقُرْآن وَالْفِقْه وناظر وَاسْتدلَّ وَهُوَ دون الْبلُوغ وَبلغ في الْعُلُوم وَالتَّفْسِير وَأفْتى ودرّس وَهُوَ دون الْعشْرين وصنّف التصانيف وَصَارَ من أكَابِر الْعلمَاء فى حَيَاة مشايخه
1 / 71