في شعْبَان سنة ٧٢٢ بِسَبَب مَسْأَلَة الزِّيَارَة واعتقل بالقلعة فَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ في لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لعشرين من شهر الْقعدَة سنة ٧٣٨ بِجَامِع دمشق وَصَارَ يضْرب الْمثل بِكَثْرَة من حضر جنَازَته وَأَقل مَا قيل في عَددهمْ أَنهم خَمْسُونَ ألفًا قَالَ ابْن فضل الله لما قدم ابْن تَيْمِية على الْبَرِيد إلى الْقَاهِرَة فِي سنة ٧٠٠ حض أهل المملكة على الْجِهَاد وَأَغْلظ القَوْل للسُّلْطَان والأمراء ورتبوا لَهُ كل يَوْم دِينَارا وَطَعَامًا فَلم يقبل ذَلِك ثمَّ قَالَ حضر عِنْده شَيخنَا أَبُو حَيَّان فَقَالَ مَا رَأَتْ عيناي مثل هَذَا الرجل ومدحه بِأَبْيَات ذكر أَنه نظمها بديهة مِنْهَا
(لما أَتَانَا تقي الدَّين لَاحَ لنا ... دَاع إلى الله فَرد مَاله وزرُ)
(على محياه سيماء الأولى صحبوا ... خير الْبَريَّة نور دونه الْقَمَر)
قَالَ ثمَّ دَار بَينهمَا كَلَام فَجرى ذكر سِيبَوَيْهٍ فَأَغْلَظ ابْن تَيْمِية القَوْل في سِيبَوَيْهٍ فنافره أَبُو حَيَّان وقطعه وصير ذَلِك ذَنبا لَا يغْفر وَسُئِلَ عَن السَّبَب فَقَالَ ناظرته فى شئ من الْعَرَبيَّة فَذكرت لَهُ كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ مَا كَانَ سِيبَوَيْهٍ نبيّ النَّحْو وَلَا كَانَ مَعْصُوما بل أَخطَأ فِي الْكتاب في ثَمَانِينَ موضعًا مَا تفهمها أَنْت فَكَانَ ذَلِك سَبَب مقاطعته إِيَّاه وَذكره في تَفْسِيره الْبَحْر بِكُل سوء وَكَذَلِكَ في مُخْتَصره النَّهر وَقد ترْجم لَهُ جمَاعَة وبالغوا في الثَّنَاء عَلَيْهِ ورثاه كثير من الشُّعَرَاء وَقَالَ جمال الدَّين السرمدي فِي أَمَالِيهِ وَمن عجائب زَمَاننَا في الْحِفْظ ابْن تيميه كَانَ يمر بِالْكتاب مرّة مطالعة فينقش في ذهنه وينقله في مصنفاته بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ وَحكى بَعضهم عَنهُ أَنه قَالَ من سألني مستفيدًا حققت لَهُ وَمن سألني مُتَعَنتًا ناقصته فَلَا يلبث أن يَنْقَطِع فأكفى مُؤْنَته
1 / 70