وهذا التبويب وترتيب الأبواب لم أجد أحدا من العلماء - حسب علمي - سبق ابن الأثير إليه؛ فهو تقسيم علمي دقيق، وليس التبويب والترتيب الدقيقان مستغربين من ابن الأثير؛ فالسمة البارزة على مؤلفاته ﵀ التبويب والترتيب، فكتبه في الحديث كلها جمع وتبويب، فجامع الأصول في أحاديث الرسول، والنهاية في غريب الحديث، ومنال الطالب في شرح طوال الغرائب، مرتبة ترتيبا أعجب المتقدمين والمتأخرين.
ولم يكتف المؤلف ﵀ بإبراز قدرته على التبويب فقط، بل نجده في كل باب يقسمه تقسيمات عجيبة دقيقة، ومن ثم يجمع الباب الواحد أشتاتا متفرقة، توزّع على الفصول والأنواع والفروع والتعاليم، ويبرز هذا فى أكثر الأبواب، ومنها: الباب الخامس عشر (في العوامل): بدأه المؤلف ﵀ بمقدمة، ثم قسّمه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: في الأفعال.
القسم الثاني: في الأسماء العاملة.
القسم الثالث: في الحروف العاملة.
القسم الأول: في الأفعال، جعله ثمانية أنواع:
النوع الأول: في اللازم.
النوع الثانى: في المتردد بين اللازم والمتعدي، ثم قسمه على ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: أفعال معدودة استعملت متعدية ولازمة.
الضرب الثاني: أفعال متعدية بنفسها أصلا، ثم أدخلوا عليها حرف الجر على تأول.
الضرب الثالث: أفعال متعدية بنفسها، فإذا أدخلت عليها قرينة اللزوم صارت قاصرة.
مقدمة / 71