وما ذكرت من أمر النصارى في عمان ، وتكشفهم على القرى والبلدان ، وما حاولوا ذلك من البنيان ، ومن هدم المسجد ، وتعطيل الأذان ، ومن سب خير البشر عليه أفضل الصلاة والسلام ، فذلك أمر فضيع ، وحال شنيع لو وقع ، نسأل الله العافية ، ما سمعنا به قبل كتابك ، فإن صح ذلك فلعله وقع في الأطراف الغربية ، أما السب فما أظن وقوعه ، لأن الأجانب لا يدخلون عمان إلا بخفر من المسلمين ، ولحاجتهم إلى ذلك يحترمون صاحبهم ، فلا يذكرون عنده ما يكره وللقوم دهاء هائل ، والعجب منك كيف تذكر ذلك لنا وتدع الملك ، فهو أولى بالتنبيه في ذلك وبيده أزمة الأمور ، فلو استقام استقمنا ، ولو طلب المناصرة ناصرناه ، فالله المستعان ، وكأنك قد خشيت على عمان من العدو المقبل ، وحق على كل مؤمن أن يخشى ذلك ، غير أن قلوبنا وإن خافت من شؤم ذنوبنا ، ساكنة مطمئنة إلى إجابة ربنا لدعوة نبيه لنا أن لا يسلط علينا عدوا من غيرنا ، فإنا نجد في التواريخ المكنونة ، والأخبار المصونة أن مازن بن غضوبة الطائي السمائلي وكان أول من أسلم من أهل عمان ، فيما يظهر من سياق التاريخ ، وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره بالمدينة ، فأسلم على يديه وقال يا رسول الله ادع الله تعالى لأهل عمان ، فقال : ( اللهم اهدهم وأثبهم ) ، فقلت زدني يا رسول لله ، فقال : ( اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم ) ، قلت : يا رسول الله البحر ينضح بجانبنا ، ادع الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا ، قال : ( اللهم وسع عليهم في ميرتهم وأكثر خيرهم من بحرهم ) قلت : زدني ، قال : ( اللهم لا تسلط عليهم عدوا من غيرهم ، قل يا مازن آمين فإن آمين يستجاب عندها الدعاء ) ، قال : قلت آمين ، قال : قلت يا رسول الله إني مولع بالطرب وبشرب الخمر ، لجوج بالنساء ، وقد ذهب أكثر مالي في هذا ، وليس لي ولد ، فادع الله أن يذهب عني ما أجد ، ويهب لي ولدا تقر به عيني ويأتينا بالحياة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن ، وبالحرام الحلال ، وبالعهر عفة الفرج ، وبالخمر ريا لا إثم فيه ، وآتهم بالحيا وهب له ولدا ) ، قال مازن : فأذهب الله عني ما كنت أجد من الطرب والنشاط لتلك الأسباب ، وحججت حججا ، وحفظت شطر القرآن وتزوجت أربع عقائل من العرب ، ورزقت ولدا سميته حيان بن مازن ، وأخصبت عمان في تلك السنة ، وما بعدها ، وأقبل عليهم الخف والظلف ، وكثر صيد البحر ، وظهرت الأرباح في التجارات ، وآمن عدد من أهل عمان ، ولمازن في ذلك شعر حيث يقول :
صفحه ۵۶