بدائع السلك في طبائع الملك
بدائع السلك في طبائع الملك
پژوهشگر
علي سامي النشار
ناشر
وزارة الإعلام
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۳۹۸ ه.ق
محل انتشار
العراق
أَرْبَعمِائَة سنة لَا يعتنون فِيهَا بِشَيْء من أَمر الْملك اقتصارا على إِقَامَة رَئِيس ذُرِّيَّة هَارُون علنه السَّلَام كَأَنَّهُ خَليفَة مُوسَى ﵇ فِي إِقَامَة الدّين خَاصَّة كَالصَّلَاةِ والقربان ويسمونه الكوهن ثمَّ اخْتَارُوا سبعين شَيخا لإِقَامَة السياسة الطبيعية للبشر فَكَانُوا يتولون تَنْفِيذ أَحْكَامهَا الْعَامَّة والكوهن فَوْقهم بالرتبة الدِّينِيَّة واتصل ذَلِك بهم إِلَى أَن استحكمت طبيعة العصبية وتهيأت الشَّوْكَة للْملك وَهِي
الْحَالة الثَّانِيَة فغلبوا الكنعانيين على الأَرْض الَّتِي أورثهم الله بِبَيْت الْمُقَدّس وَمَا جاوروها كَمَا وعدوا على لِسَان مُوسَى ﵇ ورياستهم رَاجِعَة إِلَى شيوخهم مُدَّة من نَحْو أَرْبَعمِائَة سنة وَلما لم بكم لَهُم صولة ملك ضجروا من مغالبة الْأُمَم فطلبوا على لِسَان شمويل ﵇ أَن يَأْذَن الله تَعَالَى لَهُم فِي تمْلِيك رجل عَلَيْهِم فَكَانَ طالوت وَغلب الْأُمَم وفتل جالوت ثمَّ ملك بعده دَاوُد ثمَّ سُلَيْمَان ﵉ واستعجل ملكه وَهِي الْحَالة الثَّالِثَة فامتد غلى الْحجاز ثمَّ غلى أَطْرَاف الْيمن ثمَّ إِلَى أَطْرَاف بِلَاد الرّوم ثمَّ افترق الأسباط بعد سُلَيْمَان ﵇ إِلَى دولتين أَحدهمَا بالجزيرة والموصل للأسباط الْعشْرَة وَالْأُخْرَى بالقدس والسام لبني يهود وَبَين يَامِين ثمَّ غلبهم بخت نثر ملك بابل على مَا كَانَ بِأَيْدِيهِم بعد اتِّصَال ملكهم نَحْو ألف سنة وَخرب مَسْجِدهمْ وأحرق توراتهم ونقلهم إِلَى أَصْبَهَان وَالْعراق إِلَى أَن ردهم بعض ملك الْفرس إِلَى بَيت الْمُقَدّس بعد سبعين سنة من خُرُوجهمْ فبنوا الْمَسْجِد وَأَقَامُوا دينهم على الرَّسْم الأول للكهنة فَقَط وَهِي
الْحلَّة الرَّابِعَة وَالْملك حِينَئِذٍ إِنَّمَا هُوَ للْفرس ثمَّ غلب الْإِسْكَنْدَر واليونانيون على الْفرس وَصَارَ الْيَهُود فِي ملكهم ثمَّ فشل أَمر اليونانيين فاعتز الْيَهُود عَلَيْهِم بالعصبية وقائم مملكتهم الكهنة الَّذين كَانُوا فيهم إِذْ ذَاك وقاتلوا يونان حَتَّى انقرضوا وَهِي
الْحَالة الْخَامِسَة ثمَّ غلبهم الرّوم وَرَجَعُوا إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَبهَا بَقِيَّة دولتهم فحاصروهم مُدَّة ثمَّ افتتحوها عنْوَة وأفحشوا فِي الْقَتْل وَالْهدم وَالتَّحْرِيق وخربوا بَيت الْمُقَدّس وأجلوهم عَنْهَا غلى رومة وَمَا وَرَاءَهَا وَهُوَ
1 / 98