ولما حكى لأبيه ما كان في يومه قال والده: لقد عرفت سلومة من قبل يا ولدي.
قالها في رنة أسف عميق وأطرق حينا قصيرا ثم قال: ومع ذلك فقد عرفته من بعد قاسيا عنيفا كأنه إعصار.
ولست أدري كيف تجتمع هذه الخصال كلها في طبيعة واحدة.
كان سلومة إذا لجأ إليه ضعيف أعانه، وإذا نزل عليه ضيف بالغ في إكرامه، ولكنه كان إذا لم يجد ما يقدمه لضيفه لا يتردد في سرقة ما يقيم به الوليمة.
فقال فؤاد: لقد رأيت فيه شبها عجيبا من أخيه.
فقال الوالد: إذن فحاول أن تجنب أخاه مصيره إن استطعت، حاول أن تجعل منه إنسانا، إن أكثر من تذهب عنهم الإنسانية هم هؤلاء الذين لم يجدوا أحدا يأخذ بيدهم يا ولدي.
وتمنى فؤاد لو استطاع، فقد مست هذه الكلمات قلبه.
وذهب إلى الخيمة بعد الأصيل ليرى كيف حال مبروكة، فرأى أهل العزبة عندها يواسونها في مصابها، كأن سلومة لم يكن لكل ريفهم رعبا.
وقالت تعويضة وهي تربت كتفها: هل السجن إلا للشجعان يا خالة؟
ووقعت الكلمة على سمع فؤاد وقعا ثقيلا، أهذه هي تعويضة الحسناء تتكلم؟
صفحه نامشخص