اثر عرب در تمدن اروپایی
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
ژانرها
ولقد تأثرت القصة الأوروبية في نشأتها بما كان عند العرب من فنون القصص في القرون الوسطى، وهي المقامات وأخبار الفروسية ومغامرات الفرسان في سبيل المجد والغرام، وترى طائفة من النقاد الأوروبيين أنفسهم أن رحلات جليفر التي ألفها سويفت، ورحلة روبنسون كروزو التي ألفها ديفوي مدينة لألف ليلة وليلة، ورسالة حي بن يقظان التي ألفها الفيلسوف ابن طفيل. وقد كان لألف ليلة وليلة بعد ترجمتها إلى اللغات الأوروبية أول القرن الثاني عشر أثر يربى على كل آثارها السماعية قبل الترجمة المطبوعة، واقترن ذلك بنقل التصانيف الأخرى التي من قبيلها، فأصبح الاتجاه إلى الشرق حركة مألوفة في عالم الأدب كما كانت مألوفة في عالم السياسة والاستعمار.
على أن المدرسة المجازية الحماسية في أوروبا في القرون الوسطى إنما هي وليدة الحياة الحماسية المجازية التي سرت إلى الغرب كله من فاتحي العرب والمسلمين بالقدوة العملية التي لا فكاك منها، ويعتقد «أبانيز» الكاتب الإسباني المشهور - كما يرى القارئ في موضع آخر من هذا الكتاب - أن أوروبا لم تكن تعرف الفروسية، ولا تدين بآدابها المرعية ولا نخوتها الحماسية قبل وفود العرب إلى الأندلس وانتشار فرسانهم وأبطالهم في أقطار الجنوب، وهو اعتقاد يعززه كثير من الأسانيد.
ولعل أقوى الأسانيد التي تعززه ذلك النموذج العسكري الجديد الذي لم يكن معهودا في أبطال الوقائع الرومانية أو الإغريقية، وذلك الغرام الملتهب الذي لم يسبق له نظير في غزل الغربيين من أهل الجنوب أو الشمال، وذلك التقديس للمعشوقة على نمط العذريين، أو على النمط الذي أجاز لمتصوفة المسلمين أن يمزجوا بين نغمة العبادة ونغمة التشبيب، ولم يكن تشبيب العاشق بالحبيب في آداب الغرب إلى هذا المقام.
وقد بلغت المفردات العربية التي أضافها الإسبان وأهل البرتغال إلى لغتهم ما يملأ معجما غير صغير، ولكن العبرة مع ذلك بدخول تلك المفردات في الحياة الاجتماعية والمقاصد النفسية، لا بمجرد دخولها في صفحات المعاجم، فإنها لم تتمثل على الألسنة إلا بعد أن تمثلت في أحوال المعيشة ونوازع الإحساس والتفكير، ومن هنا يعزى إليها من فعل الإيحاء والتوجيه أضعاف ما يعزى إليها من فعل النقل والتلقين.
الفنون الجميلة
فنان جميلان لم يكن لهما نصيب كبير في الحضارة العربية؛ وهما: التمثيل والتصوير بنوعيه، ونوعاه هما: الرسم والنحت؛ أي صنع التماثيل.
وشأن العرب في ذلك كشأن كثير من الأمم الشرقية أو الغربية، فإن التمثيل والتصوير لم يكونا في التاريخ القديم من الفنون الشائعة بين شعوب الحضارة، ولا بين البداوة من باب أولى.
وقد نشأ التمثيل حيث نشأ في بلاد الإغريق من بعض الشعائر الدينية التي كانت في موسم إله الخمر والصبوة ديونيسس
Dionysus .
وكان في أول عهده مقصورا على الرقص والغناء، ثم أضيف إليه ممثل واحد يشغل الوقت بين الرقصات والأغاني ببعض الألاعيب والتراتيل، ثم أضيف إلى الممثل الواحد زميل فزميلان، وتعددت الأدوار في العرض الواحد تبعا لهذه الزيادة وهذا التنويع، حتى نشأت الرواية المسرحية على وضعها المعروف عند قدماء الإغريق.
صفحه نامشخص