اثر عرب در تمدن اروپایی
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
ژانرها
ليس كل ما انتقل على أيدي الحضارة الإسلامية عربيا محضا في الأصول والفروع، ولكن حسبها أنه لم ينقطع على أيديها، فاتصلت بفضلها وشائجه بالتاريخ القديم والحديث، فحفظت تراث الإنسانية كلها، وزادت عليه، ونقلته إلى من تلاها. وكل حضارة صنعت ذلك فقد صنعت خير ما يطلب من الحضارات، ومن طلب إليها ألا تورث الناس إلا شيئا جديدا من ابتداعها فقد طلب إليها أن تلغي كل ما تقدمها، أو هو قد طلب إليها ما يناقض الحضارة في فضيلتها الكبرى، وهي فضيلة السماحة والحرص على تراث بني الإنسان. وفيما يلي بعض ما حملته من أمانة الحضارة إلى العالم الحديث.
الطب والعلوم
أشاد هوميروس في الأوديسا بمهارة الأطباء المصريين، وقال هيرودوت غير مرة: إنهم كانوا يعالجون أنواعا شتى من الأمراض يختص كل منهم بمرض يبرع في علاجه، وروى أن قورش أرسل إلى مصر في طلب طبيب للعيون، وأن دارا كان عظيم الإعجاب بهم، كثير الثناء عليهم. وكان الإغريق يعرفون اسم «أمحوتب» رب الحكمة في مصر القديمة، ويسمونه بلغتهم أموثيس، وقد نقلوا عن الطب المصري كثيرا من العقاقير، كما نقلوا آلات الجراحة بغير تبديل.
وتلقى الإغريق شيئا من الطب الكلداني كما كان في عصوره القديمة مزيجا من السحر والتعويذ والعلاج.
ثم دارت دورة الثقافة الإنسانية على أتمها في هذه الصناعة التي يحتاج إليها جميع الناس، فأعاد الإغريق ما أخذوه وما زادوه إلى المصريين في عهد مدرسة الإسكندرية، وإلى الكلدان والسريان في أواخر الدولة الرومانية الشرقية، وكان في ذلك الحين حصة من تراث الأديرة وكهانها يتدارسه من يتدارسون العلوم باليونانية أو اللاتينية، وكان معظمهم يومئذ من رجال الدين.
واستعان الفرس بأطباء السريان والروم، فأنشئوا المدرسة الطبية والمستشفى المشهور بجنديسابور، وكان عليه معول الشعوب القريبة كلها في إتمام معارفهم الطبية، والتوسع في الاطلاع على فنون العلاج عن سائر الأمم، ومن تلاميذه النابهين بين أطباء العرب الحارث بن كلدة الذي تعلم الطب في الجاهلية وأدرك الإسلام.
وقد عرف العرب التطبيب في أقدم عصور الجاهلية على طريقة البداوة في مزج الطب والكهانة، وعلاج الأمراض بالوسائل البدائية، فكان لكل قبيلة عرافها الذي يستشار في كل ما حزبها من الأمور، ومنها العلل والشكايات.
جعلت لعراف اليمامة حكمه
وعراف نجد إن هما شفياني
وكان طلب هؤلاء العرافين يخلط بين الرقى والتبخير وتعاطي الأدوية التي تقترن بالعزائم والتعاويذ، ومع العرافين أطباء مختصون بالعلاج لا يزاولون الكهانة، ولا يموهون على المرضى باسم الجن أو الأصنام، ويعالجونهم بالفصد والكي والحجامة والحمية، وبعض العقاقير والأعشاب التي تنبت في بلاد العرب، أو تجلب من الهند والصين.
صفحه نامشخص