220

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

ژانرها

الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ المُشْرِكِيْنَ هُمُ الَّذِيْنَ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَسْحُوْرٌ! قَالَ تَعَالَى: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُوْنَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُوْنَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُوْلُ الظَّالِمُوْنَ إِنْ تَتَّبِعُوْنَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوْرًا، انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيْعُوْنَ سَبِيْلًا﴾ (الإِسْرَاء:٤٨).
وَالجَوَابُ: أَنَّ اتِّهَامَهُم لَهُ ﷺ هُوَ مِنْ بَابِ الإيْذَاءِ؛ وَيَقْصِدُوْنَ أَنَّ كَلَامَهُ كَلَامُ المَجَانِيْن - وَحَاشَاهُ ﷺ؛ وَأَنَّهُ أَتَى بِمَا لَا يُعْقَلُ وَلَا يَصِحُّ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ أَنَّهُ مُصَابٌ بِسِحْرٍ فِي بَدَنِهِ قَدْ أَمْرَضَهُ.، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُوْلٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُوْنٌ﴾ (الذَّارِيَات:٥).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّفْسِيْرِ (١): (فَتَارَةً - مِنْ إِفْكِهِمْ يَقُوْلُوْنَ: سَاحِرٌ، وَتَارَةً يَقُوْلُوْنَ: شَاعِرٌ، وَتَارَةً يَقُوْلُوْنَ: مَجْنُوْنٌ، وَتَارَةً يَقُوْلُوْنَ: كَذَّابٌ. وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيْعُوْنَ سَبِيْلًا﴾ (الإِسْرَاء:٤٨».
وَيَتَأَكَّدُ الجَوَابُ بِبَيَانِ أَنَّ هَذَا هُوَ نَظِيْرُ مَا جَرَى مَعَ مُوْسَى ﷺ، حَيْثُ قَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوْسَى: ﴿فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوْسَى مَسْحُوْرًا﴾ (الإِسْرَاء:١٠١)، مَعَ مَا قَد عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) (طَه:٦٦».

(١) (٩٤/ ٦).

1 / 220